ـ(196)ـ
في اليمن
بعد زيارتنا للأردن اتجهنا إلى اليمن. واليمن يعيد إلى الأذهان أكثر من مسألة بشأن ماضي الأمة الإسلاميّة ومستقبلها. فهذا البلد امتزجت فيه العناصر الفارسية والعربية قبل الإسلام، في إطار الدفاع عن اليمن أمام المهاجمين، وانصهرت هذه الأصول في إطار الإسلام حين خضع حاكم اليمن الإيراني في عصر انبثاق الدعوة للدين المبين، وبذلك دان أهل اليمن جميعاً بالإسلام، وأصبحوا من المدافعين والذابين عنه، والعاملين على انتشاره.
ثم اتجهت الجيوش اليمنية المسلمة العربية والفارسية لفتح مصر، فكان الفتح على يدهم بإذن الله تعالى.
وكان لليمنين دور عظيم في الوقوف إلى جانب القوى الإسلاميّة التي طالبت بصيانة مسيرة المجتمع الإسلامي من الانحرافات على مر التاريخ، واحتضنت الثوار المسلمين.
ثم شهد تاريخ اليمن القديم صراعات طائفية مقيتة، كما شهد هذا البلد في تاريخه الحديث صراعات سياسية وقبلية مؤلمة، مغطاة تارة بالطائفية، وتارة بالأيديولوجيات المستوردة. غير أنّ زيارتنا لليمن كانت مقرونة ببشائر سارة في رأب الصدع:
منها: اتحاد اليمنين وزوال الحاجز بين البلد الواحد.
ومنها: الحوار بين الفرقاء من أجل التوصل إلى صيغة لحياة اجتماعية مستقرة يسودها التفاهم والتعاون والعمل المشترك لإعادة البناء.
وكانت هذه الزيارة ضمن إطار التفاهم والتقارب مع العلماء والأساتذة والمحققين والجامعيين في اليمن الشقيق، وضم الوفد الزائر: الأستاذ الدكتور السيد محمّد باقر الحجتي المتخصص في العلوم القرآنية بجامعة طهران، والأخ الأستاذ علي أنصاريان الباحث في التراث الإسلامي، وكاتب هذه السطور.
زرنا في جولتنا عدداً من العلماء الزيدية والسنة، ووجدنا أنّ الحوار ـ مع الأسف ـ مقطوع بين الفريقين ثمة حساسية تاريخية، عمقتها حساسيات قبلية وسياسية، فأصبح تراشق الجانبين بالتهم هو طابع العلاقة الوحيد بينهما. وحين جلسنا مع علماء الفريقين