ـ(19)ـ
فتارة يخص بعض الوراث ببعض التركة عن طريق تنفيذ الوصيّة ما لم تتجاوز الثلث.
وأخرى يوصي لغير الوارث بشيء منها، يقول سبحانه: [وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتمى والمسكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولاً معروفاً](1).
والمراد من ذوي القربى: الأخ للميت الشقيق وهو لا يرث، وكذلك العم والخال والعمة والخالة، ويعدون من ذوي القربى للوارث الذي لا يرثون معه، وقد يسري إلى نفوسهم الحسد فينبغي التودد إليهم، واستمالتهم بإعطائهم شيئاً من ذلك الموروث بحسب ما يليق بهم ولو بصفة الهبة أو الهدية(2).
2 ـ آية الوصيّة منسوخة بالسنة:
قد عرفت مدى صحة نسخ الآية بآية المواريث، ونبين هنا مناقشة منسوخية الآية بالسنة التي رواها أصحاب السنن ولم يروها الشيخان: البخاري ومسلم في صحيحيهما، واليك ما نقل سنداً أو متناً.
روى الترمذي في باب ما جاء لا وصية لوارث:
1 ـ حدّثنا علي بن حجر وهناد قالا: حدّثنا إسماعيل بن عياش، حدّثنا شرحبيل بن مسلم الخولاني، عن أبي أمامه الباهلي قال: سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ يقول في خطبته عام حجة الوداع: "إن الله قد أعطى لكل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث، الولد للفراش وللعاهر الحجر..." (3).
2 ـحدّثنا قتيبة، حدّثنا أبو عوانة، عن قتادة، عن شهر بن حوشب، عن عبد الرحمان بن غنم، عن عمرو بن خارجة: أن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ خطب على ناقته وأنا تحت جرانها وهي تقصع بجرتها (4)، وأنّ لعابها يسيل بين كتفي فسمعته يقول: "إن الله أعطى كل
__________________________________
1 ـ النساء: 8.
2 ـ المنار 2: 396.
3 ـ سنن الترمذي 4: 433.
4 ـ "الجران": هو من العنق ما بين المذبح إلى المنحر. و"تقصع بجرتها": أراد شدة المضع وضم بعض الأسنان على بعض، وقيل قصع الجرة: خروجها من الجوف إلى الشدق. النهاية الأثيرية (مادة: جرن).