ـ(181)ـ
3 ـ التزام الموضوعية بالمعنى الذي حددناه، سواء في عرض الرأي، أو في بيان الأدلة عليه، وكذلك في مناقشته، وذلك بالرجوع إلى ما استدل به صاحب الرأي من الأدلة المعتبرة لديه، وقد نقل ذلك بكل أمانةٍ ودقةٍ، فراجع ـ مثلاً ـ ما بحثه في القياس (1).
وهذا ما تحتاجه فعلاً في أي بحثٍ أو دراسة أو مطارحة، لما في ذلك من إبعاد التشويش والتقول، ولما فيه أيضاً من إسهام في الكشف عن أصالة الرأي الآخر، مما يلزم احترامه،
4 ـ اعتماد المصادر الأصلية (2) عند أصحاب كلّ اتجاه أو مذهب فقهي وعدم الرجوع إلى المصادر غير المعتمدة عند أصحاب المذهب، أو المصادر الثانوية. وهذه من أهم النقاط التي يلزم التنبيه إليها، والالتفات الجدي إلى خطورتها، إذا كثيراً ما يستسهل بعض الباحثين الرجوع إلى المصادر الثانوية أو غير الأصلية، فتقع من جراء ذلك المفارقات والاشتباهات الكثيرة، ومع ذلك فهو استفاد من المصادر الحديثة التي تتسم بأصالة الرأي وسلامة المنهج.
نعم، يلاحظ على منهج السيد الحكيم أنّه استعمل المصطلح الأصولي الحديث (3) الذي شاع في مدرسة النجف الأصولية الحديثة، ولكنه مع ذلك قدم إيضاحاً مناسباً، ونبه إلى ما هو قريب منه لدى القدماء.
ثمرات المنهج المذكور:
لقد ترتبت على هذا المنهج الذي اتبعه السيد الحكيم ثمرات كبيرة جداً، وهذا المنهج يمكن أنّ يكون مثالاً يحتذى، وطريقاً سليماً للوصول إلى الغاية القصوى التي يهدف إليها كلّ من هو جاد في خدمة التقريب بين المذاهب كهدفٍ عظيم. ويمكننا بيان أهم النتائج والثمرات لهذا المنهج بما يأتي:
1 ـ إنه قدم الطريقة المثلى والمنهج العملي الشامل والصحيح لكل من يتصدى لمهمة التقريب بين المذاهب الإسلاميّة؛ وذلك بإقدامه على معالجة الأصول والمباني بأسلوب علمي رصين، وباتباع الموازنة والمقارنة الملتزمة، وهذا سيقود بادئ ذي بدءٍ
__________________________________
1 ـ راجع الأصول العامة، الباب الأول، القسم الخامس: 301 ـ 308.
2 ـ الأصول العامة مصادر الدراسة. 675 ـ 676.
3 ـ انظر المصدر نفسه: 87.