ـ(180)ـ
لأسلوبه العلمي وأدبه الجم، وعباراته الرصينة ومناقشاته الهادئة الرزينة دور أساس في إضفاء سمة البحث العلمي المكتمل الشروط، الذي يخدم هدف التقريب حقاً وصدقاً.
هذا وأن التعرف على خصائص هذا المنهج وميزاته والثمرات التي تحققت سيضع بأيدينا حقيقة مهمة، هي: أنّ السيد محمّد تقي الحكيم قد مهد أمامنا الطريق، ونصب فيه المعالم.
خصائص منهج السيد الحكيم بوجهٍ عامّ:
لقد اعتمد السيد العلامة خطةً علميةً دقيقة(1)، سواء في عرض الموضوعات وتسلسلها، أو مناقشتها بأسلوب تميز بالتركيز والرصانة، والابتعاد عن كلّ ما يخدش أو يسفه رأيه. ويمكن تلمس أهم خصائص منهجه كالآتي:
1 ـ استقراء الأصول وتتبع أدلتها عند جميع الأطراف، والتماس كيفية دلالتها عندهم. وقد وجد أنّ هذه الأصول بعد استبعاد ما لا مدخلية لـه في استنباط الحك الشرعي الواقعي أو الظاهري، أو إحراز الوظيفة العملية الشرعية، أو العقلية(2) في الكتاب، والسنة، والإجماع، ودليل العقل، والقياس والاستحسان، والمصالح المرسلة وسد الذرائع، والعرف، ومذهب من قبلنا، ومذهب الصحابي، ثم الاستصحاب بصفته ينتج الحكم الشرعي الظاهري، ثم البراءة الشرعية، والاحتياط الشرعي، والتخيير الشرعي، ثم البراءة العقلية والاحتياط العقلي والتخيير العقلي.
ويلاحظ هنا أنّ السيد حاول بذلك استيفاء مباني القوم وركائزهم جميعاً، أي: جميع الفقهاء تقريباً.
2 ـ تقويم هذه الأدلة، وإقرار ما رآه ملزماً بالحجية. وقد مهد لذلك بالكشف عن طرق الاحتجاج (3)، وما هو صالح للدليليّة عند جميع الفرقاء، وبذلك قدم ما يعد أرضيةً مشتركةً ومعياراً مقبولاً لدى الجميع. ويلاحظ أنّ التوفر على ذلك أوّلاً هو الذي يجعل التقويم دقيقاً وموضوعيّاً.
__________________________________
1 ـ راجع الأصول العامة: 93.
2 ـ الأصول العامة، مصادر الدراسة: 86.
3 ـ المصدر نفسه: 33.