ـ(163)ـ
وانتهاك الحقوق.
وأما الصهيونية العالمية فهي تسعى لإنهاء الوجود الإسلامي كقوة فاعلة ومؤثرةٍ؛ لأنها تدرك أنّ هذه القوة هي وحدها التي تقف ضد أطماعها التوسعية وأهدافها العدوانية في العالم، وبخاصةٍ في العالم الإسلامي.
وفضلاً عن هذه الأخطار الخارجية تعاني الأمة من أخطارٍ داخلية تمثلها تلك النزاعات والخلافات المزمنة حول المشكلات الثقافية والاجتماعية والحدودية بين شعوبها، ثم تيارات الإلحاد الوافدة، واندفاعها الحثيث لزعزعة العقيدة، وبلبلة الأمة فكرياً حتى لا تلتقي على كلمة سواء.
وكل ما تعاني منه الأمة من غربة فكرية، ومشكلات متعددة، وتخطيط من قبل أعدائها لجعلها أمة مستهلكة لا منتجة، ومتخلفة لا متقدمة، ومتخاصمةً لا متحابةً مرده إلى التفرق والتدابر الذي شغلنا عما يجب أنّ نقوم به ونسعى إليه، فأمست الطاقات والإمكانات التي منحها الله للأمة سلاحاً للتدمير لا للتعمير، وللتفريق لا للتجميع، وأصبح مثل المسلمين الذين احتفظوا بخلافاتهم وأنصتوا لداعي الفرقة كمثل شعب قامت فيه حرب أهلية طاحنة، فهي تشغل أبناءه وتستنفد قواهم، وتضيع جهودهم، وتلهيهم عن إصلاح أحوالهم وتقويم معوجهم، وتعين عليهم أعداء هم، وتكون سبباً دائماً في إثقال كواهلهم بما لا يتحملون من الأعباء، وفي إلباسهم لباس الذل والخوف والشقاء.
يقول الشيخ عبد المجيد سليم (ت: 1374 هـ) شيخ الأزهر الأسبق رحمه الله: (لقد عشت طول حياتي معنياً بأمر المسلمين، مفكراً فيما يصلحهم وينقذهم مما تورطوا فيه من الضعف والتخاذل والانحراف عن الصراط السوي في العلم، فوجدت أنّ لا سبيل إلى ذلك إلاّ بأمرين:
أولهما: أنّ يؤمنوا إيماناً عن بينةٍ وبصيرة بأنه لا إصلاح لهم إلاّ بهذا الدين الذي صلح به أولهم، وأنهم ـ على حسب ما ينحرفون عن تعاليمه ومبادئه ـ يصابون في بلادهم وأنفسهم وسائر أحوالهم بالضراء وألوان الشقاء.
وثانيهما: أنّ ينسوا أحقادهم وميراث عداوتهم الذي أورثتهم إياه عوامل الضعف