ـ(160)ـ
وبالإضافة إلى هذا الموقع الفريد تمثل الأمة الإسلاميّة من حيث الكثافة السكانية نحو خمس العالم، فهي ثروة بشرية هائلة، والبشر في كلّ الأزمنة والعصور هم صناع التقدم والحضارة.
والأمة ـ إلى هذا ـ تتمتع بثروةٍ ماديةٍ طائلةٍ، فهي تمتلك الأراضي الشاسعة المزروعة والصالحة للزراعة، وفي بلادنا تجري أهم الأنهار، وتحت ترابها أنهار أخرى من النفط، وفي جبالها وصحاريها كلّ المعادن التي لا غنى للناس عنها.
وفصلاً عن خصائص الموقع والثروة البشرية والثروة المادية فلدى هذه الأمة العقيدة التي تحمي البشرية من ضلالات الوثنية، والتشريع الذي يكفل العدل للجميع، ويساوي بين الناس في الحقوق والواجبات، وينقذ المجتمعات الإنسانية من فوضى التجارب القانونية، والنظريات والمذاهب الوضعية.
ولكن، ما بال هذه الأمة على ما تتمتع به من تلك الخصائص وسواها وقد حل بها الوهن، وفقدت المنزلة التي بوأها الله إياها، وتعرضت للعدوان عليها من مختلف الأمم ؟!
ما الذي جعل هذه الأمة ـ التي تمتلك كلّ مصادر القوة بمفهومها الشامل ـ أمة ضعيفة لا يقيم لها العالم وزناً، وكانت من قبل صاحبة القيادة والسيادة، وكان الكل يخطب ودها، ويسعى للأخذ عنها ؟!
تختلف تعليلات الباحثين والمفكرين فيما آل إليه حال هذه الأمة، ومع اختلافهم وتنوع مشاربهم الفكرية والسياسية يكادون يتفقون على أنّ التفرق بين أبناء هذه الأمة وشعوبها، ثم ما يخطط لـه أعداؤها لكي لا تنهض من كبوتها، أو تسترجع قوتها أهم أسباب الضعف والتخلف.
والذي لا مراء فيه أنّ التفرق وما نجم عنه من ضعف وذهاب ريح كان نتيجة لضعف الإيمان بالعقيدة، وتسرب الأوهام والأفكار الفاسدة إلى الأفئدة والمشاعر، ومن ثم يصبح السعي الجاد في سبيل أنّ يكون للعقيدة في النفوس سلطانها الفاعل وتأثيرها الكامل هو: البداية الصحيحة للتخلص من الأفكار الفاسدة والمفاهيم الباطلة التي مزقت الأمة، وفي مقدمتها التعصب المذهبي.