ـ(157)ـ
والأخبار، ولا يتناول هذا العدد الأصول الضرورية التي لا يكون المسلم مسلماً إلاّ بها، وإنّما هو فيما لا يضر الاختلاف فيه، وفيما يسع المسلم باعتباره مسلماً أنّ يترخص فيه دون أنّ ينازع أو ينازع (1).
ومن أجل التقريب بين السنة والشيعة وأنهما في آرائهما يصدران عن معينٍ واحدٍ، وأن مقياس العمل بالحديث لديهما هو الثقة بصدق الراوي وأمانته في النقل دون نظرٍ إلى الطائفة التي ينتمي إليها ـ ومن ثم روى أهل السنة عن بعض أهل الشيعة كما روى هؤلاء عن بعض أهل السنة ـ قامت جماعة التقريب بالقاهرة منذ نحو ثلاثين عاماً بمشروعٍ علمي يتوخى جمع الأحاديث التي صحت في مختلف المذاهب الفقهية المعتبرة والتي التقى عليها الرواة في شعب الإيمان والعقيدة والفقه وغيرها من كلّ ما يفيد جمعه على صعيدٍ واحدٍ لينتفع به الباحثون، وليجد فيه المسلمون مظهراً واضحاً للتقارب بينهم في الأصول الأساسية التي يدينون جميعاً بها ولا يختلفون عليها (2).
ولكن هذا المشروع لم يكتب لـه أنّ يصل إلى غايته؛ لأن وفاة العالمين اللذين وضعا المخطط العلمي لـه ، وأيضاً وفاة معظم الأعضاء الذين أسسوا جماعة التقريب أدى إلى توقف نشاط هذه الجماعة، والأمل كبير في أنّ تقوم المجامع الفقهية بهذا العمل، ولعلها تتعاون في ذلك حتى يخرج هذا المشروع المهم في فترة زمنية وجيزة، وفي صورة أكثر دقة وشمولاً.
سادساً: ولكي تنجح تلك الخطوات في تحقيق التقارب بين المذاهب ينبغي أنّ تتوقف الأقلام، وتكف الألسن عن لغة التشنيع والاستفزاز والاستخفاف والتحامل، وإثارة المشاعر والخواطر على نحوٍ يعمق سوء الظن والنفور والتباعد بين أتباع المذاهب، وذلك بترديد ما اشتمل عليه التراث الفقهي، ولا سيما في عصور الضعف والتقليد من أحكام وأقوال لو صدقها المسلمون الآن لا ستحل بعضهم دماء بعضٍ كما حدث في الماضي، بل وكما حدث في الحاضر القريب.
لقد ظهرت عدة مؤلفاتٍ ودراساتٍ حديثةٍ نقبت في كتب ذلك التراث لتتصيد
__________________________________
1ـ رسالة الإسلام، م 13 : 269.
2ـ رسالة الإسلام، م 13: 218، وم 14: 153 و230