ـ(155)ـ
أ ـ التوسع في الدراسة الفقهية المقارنة، وبخاصة في الجامعات.
ب ـ تعدد اللقاءات والندوات العلمية بين الفقهاء.
أما التوسع في الدراسة الفقهية المقارنة بحيث تشمل كلّ المذاهب المعتبرة فإنها تكشف عن مناهج الفقهاء وأصول مذاهبهم، وأسباب الاختلافات بينهم، وتبين مدى أوجه الالتقاء والتواصل بين هذه المناهج، وهل هي أقوى من أوجه التباعد والتعارض ؟ كما تبين أنّ أسباب الاختلافات بعيدة كلّ البعد عن الأهواء، وأنها تخضع لمقاييس وموازين علمية.
وفضلاً عن هذا، تعد الدراسة المقارنة أكثر جدوى في الموازنة بين الآراء، وتحليل القضايا وتمحيصها ما دامت تخضع للقواعد المنهجية في البحث، وأنها بهذا تربي ملكة الاستنباط والاجتهاد، وتبين أي الآراء أقرب إلى الحقيقة، وأيها أقرب إلى تحقيق مصالح الناس، وأيها أحق اتباعاً (1).
والأمر الثاني لا يقل أهمية عن الدراسة المقارنة؛ لأن في تلاقي الفقهاء وما يجري بينهم من حوار ومناقشة بالتي هي أحسن في شتى القضايا ـ ولا سيما تلك التي تختلف فيها المذاهب ـ سيذيب جليد الوهم والارتجال في الأحكام والأخذ بالشائعات، وعدم التفريق بين الطوائف المعتدلة وتلك التي غالت وأسرفت، وبذلك يعرف فقهاء المذاهب بعضهم بعضاً معرفةً علمية موضوعية، فلا يبقى هناك مجال للظن والشبهة والأحكام السطحية والفروض الواهية، فتتوثق الصلات، وتخف ـ إنّ لم تزل ـ آثار التعصب.
إنّ الدراسة المقارنة وعقد الندوات واللقاءات بين الفقهاء تتيح للأمة أنّ تنتفع بالتراث الفقهي كله، وتنظر إليه نظرة شاملة، فهو ملك لها، ومن ثم لا تتعصب لتراث مذهب دون آخر، وتستمد من كلّ هذا التراث ما تسترشد به في علاج كثير من مشكلاتها المعاصرة في ضوء الشريعة الغراء.
خامساً: وما دامت الأمة لا تختلف حول الأصول الثابتة، والتي بها يكون المسلم
__________________________________
1 ـ رسالة الإسلام 9: 109.