ـ(147)ـ
متناثرة الحلقات، وسبكها وتقريبها إلى أذهان المشتغلين بالقانون الوضعي، واستخراج أحكامها وشرح مصطلحاتها بروح العصر.
لقد قام الفقهاء بقسطهم الوافر من التحليل، حيث عمدوا إلى التأليف في فروعه، ولجأوا إلى التركيب بعد التحليل، ويتعين البدء من حيث انتهوا؛ لنصل بذلك ما كان قد انقطع، وسوف يلبي هذا القانون الإسلامي الأصيل رغبات أمتنا الإسلاميّة ، ويعيدها إلى التحاكم فيما شجر بينها إلى شريعة ربها العليم الخبير، فيحصل الخير، ويعم الرضا، وتزول الفوارق أو تخف كثيراً.
إنّ نفوس المسلمين جياشة بالرغبة الأكيدة للعودة إلى شريعة رب العالمين، هذه الشريعة التي لبت رغبات الأمة الإسلاميّة ورفعت من قيمتها، وهيمنت على كلّ شيءٍ في حياتها، مما أكسبها شخصية فذة وأورثها مادة فقهية فريدة من نوعها، غزيرة في مادتها، أثبتت صلاحيتها لكل مجتمع في كلّ عصر، ونقلت الناس في الشرق والغرب من أوضاع إجتماعية وأخلاقية فاسدة إلى وضع كريم سليم، فكان هذا التراث الذي لـه ما يزيد عن أربعة عشر قرناً منها والذي طوف في الآفاق شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً، ونزل السهول والوديان، وواجه الأحداث في جميع هذه الأطوار فكانت ثروة فقهية ضخمة لا مثيل لها، وفيها يجد كلّ بلد أيسر الحلول لمشاكله.
وغير خاف ما تعانيه بعض الدول الإسلاميّة والعربية من ويلات تطبيق بعض القوانين الغربية التي تحرم ما أحل الله أو تحل ما حرم، وما أجدرنا بان نولي وجهنا شطر فقهنا وأدلته، ونجعل منه نبراساً يقتدى، ومنهاجاً يهتدى ويحتذى؛ لكي ينير لنا القانون الطريق في ركب الحياة، وكم يرينا من أساليب الفكر والنظام، ومن صورة التلاقي بين الناس تناسقاً وغير ذلك ما قد يهدينا إلى التدبير في القانون الأكبر، وما عسى أنّ يكون قانون الوجود الأزلي الذي أبدعه الله.
إنّ كلّ شيءٍ في هذا الكون يسير على وتيرة واحدة من الاتزان والاستمرار ـ سواء في مجال العبادات أو المعاملات ـ بإذن الواحد القهار؛ ليكون بهذا المنوال أدعى إلى الحكمة ومعرفة العليم الخبير، وليدل على الانسجام والوئام، فليس بين هذه الآيات الكونية والمشاهدات الخارجية تنافر ولا تناحر، بل بينهما تعايش وحسن تجاورٍ رغم