ـ(143)ـ
ويسود علاقاتهم الاجتماعية.
وتحرص الشريعة الإسلاميّة على أنّ يتصف المتعاملون بحسن النية، وذلك بحثهم على التحلي بمكارم الأخلاق: كالأمانة، والوفاء، والتزام جانب العدل والإحسان.
لقد اقتضت الحكمة الإلهية أنّ يكون الدين الإسلامي صالحاً ومصلحاً للإنسانية، ملائماً للطبائع البشرية، صالحاً لكل زمان ومكان، وافياً بالمقاصد الضرورية والخارجية والتحسينية، يقوم بحفظ الدين والنفس والمال والنسل والعقل، ويرفع عن الناس الحرج، ويدفع عنهم المشقة، ويفتح لهم باب الأخذ من محاسن العادات، ويحول بينهم وبين المدنسات التي تأنفها العقول الراجحات.
لقد نظم الإسلام معاملات الناس المالية وسائر العقود على أساس قاعدة قررها رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ في قوله الشريف: "لا ضرر ولا ضرار"(1). فحرم بذلك الغش والخداع والاستغلال، وفرض الصدق والأمانة وحسن النية في المعاملات فلو أنّ المسلمين تمسكوا بأحكام الإسلام وطبقوها في معاملاتهم لسادوا، خاصة وأنها تساير تطور الزمن، خلافاً للقوانين الوضعية التي قد تصلح لزمن دون آخر، ولبلد دون بلد. وصدق الله تعالى إذا يقول: [وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلك وصاكم به لعلكم تتقون](2).
وقوله جل من قائل:[إنّ هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أنّ لهم أجراً كبيراً](3).
إنّ أسس أحكام المعاملات تامة بنفسها، محكمة بالتنظيم في نسجها، لا تحتاج إلى تكميل؛ لأنها من الدين، والدين وحي من الله أوحاه إلى رسوله. وما فارق الرسول ـ صلى الله عليه وآله ـ هذه الدنيا حتى ترك الشريعة واضحة المناهج، عذبة الموارد، كاملة متيسرة المسائل، سهلة المقاصد، كفيلة بمصالح الدين والدنيا، مؤسسة أصولها على قواعد محكمة ومثل عليا.
وإني أرى: أنّ تقنين أحكام المعاملات المالية وفق المذاهب الإسلاميّة هو الوسيلة
__________________________________
1 ـ عوالي اللئالي 1: 383 عن مسند أحمد بن حنبل 1: 313.
2ـ الأنعام: 153.
3ـ الإسراء: 9.