ـ(132)ـ
الدين الذي يتعرض للاضطهاد والمحاربة على يد صليبية أوروبا الحديثة)(1).
إنّ الوحدة هي الميزة المهمة في ثقافتنا، والتي معناها: النشاط الثقافي في أي حقل من حقول الثقافة، يجب أنّ تنسجم مع النشاطات في وحدة منسقة تعكس في سمع المثقف أنّ الإسلام يرحب بكل حرية فكرية إيجابية، وكل تطوير عقلي من شأنه المساهمة وجلب النفع والخير للإنسانية، ويعتبر كل هذا جزءاً من رسالة الإنسان في الحياة وواجباً من واجباتها.
إنّ الوحدة الإسلاميّة تجمع آمال الشعوب الإسلاميّة وتساعد على التخلص من السيطرة الأوربية، والتبشير عامل مهم في كسر شوكة هذه الحركة، من أجل ذلك يجب أنّ نحول بالتبشير اتجاه المسلمين عن الوحدة الإسلاميّة(2).
إنّ أخشى ما يخشاه العالم الغربي هو: أنّ تتحقق الوحدة الإسلاميّة، (إنّ الوحدة الإسلاميّة نائمة، ولكن يجب أنّ نضع في حسابنا أنّ النائم قد يستيقظ)(3).
قال بن غوريون: (إنّ أخشى ما نخشاه أنّ يظهر في العالم الإسلامي محمّد جديد)(4).
لقد كان الصراع بين الحضارات والثقافات وما يزال أمراً قائماً في تجارب البشر كالصراع بين الأفراد والأمم. وكانت الحضارة الإسلاميّة قد سيطرت على معظم العالم القديم، وهضمت كل ثقافاته، ومنحتها حياة جديدة؛ لتلائم التطور الكبير الذي عاشته البشرية. وأن من طبيعة البشر الإعجاب بالقوي المنتصر والتسليم لـه ، وبهذا ينتشر كثير من أفكار الغالبين وعاداتهم بين الشعوب المغلوبة بواقع من الضعف. ورغم أنّ الغالبين يسندون وجودهم القوي بأساليب مختلفة من وسائل القهر والإلزام إلاّ أنهم ما كانوا يبلغون من أمرهم ما يصبون إليه لولا استعداد المغلوبين للتخلي عما في أيديهم، والتسليم وأخذ ما يمليه عليهم الغالبون عنوةً.
ولعل من مخزيات القدر أنّ يأخذ المسلمون خاصة وأهل الشرق عامةً عن الغربيين ما يجب أنّ يعتقده الإنسان عن الدين.
كتب أحد المستشرقين وهو المسيوشاتلييه(5). قال: (ينبغي لفرنسا أنّ يكون
__________________________________
1 ـ القومية والغزو الفكري: 88.
2 ـ كيف هدمت الخلافة: 190.
3 ـ الإسلام والغرب والمستقبل: 73.
4 ـ نفس المصدر.
5 ـ المسيو شاتلييه"مجلة العالم" باللغة الفرنسية، والمقال مترجم إلى اللغة العربية من قبل الدكتور موسى شليخاني، العدد 195 لسنة (1987م).