ـ(124)ـ
خيراً، وقال: هل عند أحد منكم رأي غير هذا، فقال علي بن أبي طالب كرم الله وجهه:
نعم، عندي غير هذا الرأي وأنا أبديه إليك، فقال لـه عمر: وما هو يا أبا الحسن، قال: إنّ القوم قد سألوك وفي سؤالهم ذل، وهو على المسلمين فتح، وقد أصابهم جهد عظيم: البرد، والقتال، وطول المقام، وإن سرت إليهم فتح الله على يديك هذه المدينة، وكان لك في مسيرك الأجر العظيم، ولست آمن منهم أنهم إذا أيسوا منك أنّ يأتيهم المدد من طاغيتهم، فيحصل للمسلمين بذلك الضرر، والصواب أنّ تسير إليهم. ففرح عمر بمشورة علي، وقال: لقد أحسن عثمان النظر في المكيدة للعدو، وعلي أحسن النظر للمسلمين، جزاهما الله خيراً، ولست آخذ إلاّ بمشورة علي، فما عرفناه إلاّ محمود المشورة، ميمون الطلعة. ثم إنّ عمر أمر الناس أنّ يأخذوا الاهبة للمسير معه)(1).
ثانيا:
الإمام الحسن بن علي ـ عليه السلام ـ يواصل عملية الحفاظ على وحدة المسلمين:
بدأ الإمام السبط الحسن بن علي ـ عليه السلام ـ حياته السياسية زعيماً للمسلمين بعد أنّ بايعته جماهير عاصمة الدولة الإسلاميّة ـ الكوفة ـ بعد شهادة أبيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ.
إلاّ أنّ زعامة الإمام السبط ـ عليه السلام ـ لم تشمل مساحة الأمة الإسلامية كلها بسبب الشقاق الذي أحدثه معاوية ابن أبي سفيان في الجناح الغربي للدولة منذ الأيام الأولى لخلافة أمير المؤمنين علي ـ عليه السلام ـ.
وهكذا تصاعد هذا الانشقاق ليتحول إلى استعدادات عالية لمواجهة عسكرية بين شطري الأمة: الشطر الذي يقوده سبط رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ الحسن بن علي ـ عليه السلام ـ والشطر الذي يقوده معاوية.
وقد زحفت جيوش معاوية من الشام باتجاه العراق، فكان هذا اختباراً عسيراً جداً لحرص الإمام الحسن ـ عليه السلام ـ على رسالة جده ـ صلى الله عليه وآله ـ والأمة التي صنعها على عينه وموقفه من المصلحة الإسلاميّة العليا. وقد يتجلى نجاح الإمام الحسن ـ عليه السلام ـ في هذا الاختبار العسير إذا علمنا: أنّ الإمام ـ عليه السلام ـ كان يملك مقومات كثيرة للصمود والمواجهة،
__________________________________
1 ـ ثمرات الأوراق وكتاب "قضاء أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ للشيخ التستري 1: 25.