ـ(121)ـ
وهذا علي ابن أبي طالب فأتوا علياً.
فقالوا: يا أبا الحسن، صف لنا ابن عمك، فقال: لم يكن رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ بالطويل الذاهب طولاً، ولا بالقصير المتردد، كان فوق الربعة، أبيض اللون، مشرباً حمرة، جعد الشعر ليس بالقطط، يضرب شعره إلى أرنبته، صلت الجبين، أدعج العينين، دقيق المسربة، براق الثنايا، أقنى الأنف، كان عنقه إبريق فضة، لـه شعرات من لبته إلى سرته كأنهن قضيب مسك أسود، ليس في جسده ولا في صدره شعرات غيرهن، وكان شن الكف والقدم، واذا مشى كأنما يتقلع من صخر، وإذا التفت الفت بمجامع بدنه، واذا قال غمر الناس، وإذا قعد علا الناس، وإذا تكلم أنصت الناس، وإذا خطب أبكى الناس، وكان أرحم الناس بالناس، للليتيم كالأب الرحيم، وللأرملة كالريم الكريم. أشجع الناس، وأبذلهم كفاً، وأصبحهم وجهاً، لباسه العباء، وطعامه خبز الشعير، وأدامه اللبن ووساده الأدم محشو بليف النخل، سريره أم غيلان مرمل بالشريط، كان لـه عمامتان: إحداهما تدعى السحاب، والأخرى العقاب، وكان سيفه ذا الفقار، ورايته الغراء، وناقته العضباء، وبغلته دلدل، وحماره يعفور، وفر سه مرتجز، وشاته بركة، وقضيبه الممشوق، لواؤه الحمد، وكان يعقل البعير، ويعلف الناضح، ويرقع الثوب، ويخصف النعل)(1).
ب ـ وقد أورد اليعقوبي في تاريخه قال: (أراد أبو بكر أنّ يغزو الروم، فشاور جماعة من أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ فقدموا وأخروا، فاستشار علي بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ فأشار أنّ يفعل، فقال: إنّ فعلت ظفرت، فقال: بشرت بخير، فقام أبو بكر في الناس خطيباً وأمرهم أنّ يتجهزوا إلى الروم، فسكت الناس، فقام عمر فقال: لو كان عرضا قريباً وسفراً قاصداً لانتدبتموه، فقام عمرو بن سعيد فقال: لنا تضرب أمثال المنافقين يابن الخطاب ؟ فما يمنعك أنت ما عبت علينا ؟ فتكلم خالد بن سعيد وأسكت أخاه فقال: ما عندنا إلاّ الطاعة فجزاه أبو بكر خيراً ثم نادى في الناس: بالخروج وأميرهم خالد بن سعيد)(2).
ج ـ وفي مناقب ابن شهر آشوب: (وسأل رسول ملك الروم أبا بكر عن رجل لا يرجو الجنة ولا يخاف النار، ولا يخاف الله، ولا يركع، ولا يسجد ويأكل الميتة والدم،
__________________________________
1 ـ الرياض النضرة في فضائل العشرة لمحب الدين أحمد بن عبد الله الطبري 2: 195.
2ـ تاريخ اليعقوبي 2: 111.