ـ(112)ـ
أ ـ الشموليّة والكلّيّة في النظرة:
هي خصوصيّة يلاحظها كل من يتعرّف على مؤلّفات الأستاذ الشهيد ولأول مرّةٍ...، فيجده لا ينظر لكل قضية وفي أي حقل كانت إلا في إطارها العام، ومن خلال متابعة صلاتها وجذورها والمؤثرات في صياغة الموقف حولها.
فإذا عالج قضيّة (الإمامة)ـ تاريخياً ـ ربطها بالمسيرة الإنسانيّة الكبرى والهدف الكبير.
وإذا درس الفلسفة نفذ إليها من خلال موقعها الاجتماعيّ الرفيع.
وإذا عالج قضية منطقيةً ـ كالاستقراء ـ نفذ من خلالها إلى أعظم حقيقة في الكون.
وإذا تعرض لنظام العبادات درس دوره في نفي أكبر أعراض المرض في المسيرة الحضارية.
وإذا درس الماركسية ناقش من خلالها نظريات العامل الواحد.
وإذا ركز على الواقعة الفقهية انتقل لدراسة كل القواعد الفقهية الأوسع فالأوسع.
وإذا عالج موضوعا أصوليا نظر إليه من جميع الجهات، وربما تطرق إلى نظريات عالمية لم يعهد طرحها في مثل المجالات الأصولية كما تمّ في بحث (الوضع).
وإذا ذكر الاجتهاد وكيفيّته درسه من خلال حركته والمؤثّرات الخارجيّة فيه، أو من خلال نقاط الخطر النفسيّة والتاريخيّة العاملة على انحرافه.
وإذا درس قضيّةً معاصرة ً ـ كقضيّة البنوك ـ فإنّه يضعها في ظروفها، ويسدّ كلّ ثغورها، ويقدّمها أطروحة كاملةً قابلةً للتطبيق.
وإذا درس الموقع الإنسانيّ سار به منذ بدء مسيرته وعبر به كلّ المراحل الاجتماعيّة.
وإذا طالع القرآن الكريم انتقلت روحه العظيمة في آفاقه ورجعت بتفسيرٍ موضوعيٍّ اجتماعي رائع. وحتّى عندما كان يكتب رسالته العمليّة لمقلّديه فكان يطرح نموذجا جديداً للرسالة العمليّة، يبدأ بالعبادات ويمرّ بالمعاملات، ويصل إلى السلوك الخاصّ، وينتهي بالسلوك العامّ.
وهكذا نجده عندما يخطّط للمرجعيّة الموضوعيّة التي تقود الجامعات العلميّة دون تأثّرٍ بالذاتيّات والعلائق الشخصيّة.