ـ(111)ـ
(لا يصل إلى معرفة علم الغزاليّ وفضله إلاّ من بلغ أو كاد يبلغ الكمال في عقله)(1).
والّذي أعتقده: أنّ ما تمتّع به من فكر أصوليّّ ترك أكبر الأثر في إنتاجه الثر الّذي طبع الثقافة الإسلاميّة عبر قرون.

الإمام الشهيد الصدر مثال حاضر:
وبهذا المثال نطوي القرون، حتّى نصل إلى القرنين: الرابع عشر والخامس عشر، ونركّز بالتحديد على مدرسة النجف الأشرف الأصوليّة؛ لنجد جهابذة في الفكر الأصوليّ من أمثال: الميرزا النائينيّ، والمحقّق الأصفهانيّ، والمحقّق العراقيّ، والمحقّق الخوئيّ، والإمام الخمينيّ، والإمام الشهيد السيّد محمّد باقر الصدر رحمه الله، وكلّ منهم يكاد يشكّل بنفسه مدرسة أصوليّة واسعة تركت أثرها على الثقافة الإسلامية العامّة بشكلٍ واسع.
وقد كان ما تركه المرحوم الشهيد الصدر وخصوصاً على طلاب الثقافة العربية ـ غزيراًَ جدّاً، فقد قدّم للمثقف المسلم أوّل نظريّةٍ اقتصاديّةٍ متكاملةٍ، وأوّل نظريه إسلامية حول البنك اللاربوي، وأول نظرية منطقية حديثة حول مباني الاستقراء، وأول أطروحة للمرجعية الدينية الرشيدة وأول كتابة مدرسية لعلم الأصول، وأول وأقوى مناقشة للفكر المادي والماركسي منه بالخصوص، وأول أطروحة للدستور الإسلامي للدولة الإسلامية، وغير ذلك الكثير من العطاء الثر والواسع.
وأحاول هنا أن اُلخّص خصائص هذا الفكر عبر ذكر النقاط التالية في فكره الحي وهي:
1 ـ التنظير:
فلقد كان رحمه الله منظرا إسلامياً يقلّ نظيره في الزمان، ومدرسةً فكريّةً مجدّدةً في مختلف الحقول، لها خصائصها وصفاتها الفريدة، والتي يمكن اختصارها في النقاط التالية:
__________________________________
1 ـ مقدّمة كتاب (إحياء علوم الدين).