ـ(10)ـ
وتبدو المسألة ميسورة للوهلة الأولى، لكن الواقع أثبت خلاف ذلك، فهناك عوامل عديدة أدت إلى ظهور تيارات داخل الصحوة يفرط بعضها في الأصالة على حساب المعاصرة، ويفعل بعضها العكس.
وقلما جلس أصحاب هذه التيارات حول مائدة حوار هادف بناء، بل غالباً ما تراشقوا التهم بينهم. فيضيعوا على الأمة جهوداً كان من المفروض أن تثري المسيرة بفكرها وعلمها، لكنها اتجهت إلى تهيئة فرصة لأعداء الصحوة؛ كي يصنفوا طلائعها إلى يمين ويسار، ورجعي وتقدمي، وأصولي ومعاصر، وأمثال ذلك من التصنيفات التي لا تخدم مسيرة الصحوة وأهدافها التقريبية.
الثاني: تركة عصور ما قبل الصحوة بكل ما فيها: من اختلافات ونزاعات طائفية وقومية وإقليمية وقبلية تركت آثارها ورواسبها في الأفكار والنفوس، فتتاح لمن يثيرها من داخل رموز الصحوة، فتجد لها تجاوباً في القاعدة الجماهيرية بسبب بقاء تلك الرواسب، وتثار الحساسيات من جديد وليس صعباً على أعداء الصحوة أن يشتروا بعض الذمم من داخل الصف الإسلامي، أو أن يخترقوا الصف الإسلامي ببعض الصنائع لإثارة هذه المعمعات، وتصعيد الحزازات متى ما تطلب الأمر ذلك.
ولكن لا سبيل إلى التصدي لهذا اللون من الإثارات إلاّ بتكريس قادة الصحوة جهودهم نحو ترسيخ مفهوم الأخوة الإسلامية، ومفهوم وجوب توحيد صفوف المسلمين... والعمل للقضاء على الحواجز النفسية الموروثة، حتى يسود الشعور بالأمة الواحدة ذات الهدف الواحد والمصير الواحد وعندئذ سيكون كل صوت مفرق نشازاً مرفوضاً في مجتمع الصحوة الإسلامية.
الثالث من مواضع الضعف: سهولة اغتيال شخصية رموز الصحوة والمقصود باغتيال الشخصية: إحاطتها بتهم وافتراءات تسقطها في المجتمع، وتلغي دورها الفاعل في الأمة.
ويعود سبب سهولة الاغتيال إلى قلة الوعي الشعبي، وهبوط النضج الجماهيري تجاه مؤامرات أعداء الإسلام والإنسان خطاء، ورصد أخطاء الآخرين ليس بالأمر الصعب ثم تهويلها ونشرها أمر كان يمارسه الفرقاء منذ أقدم العصور، فما بالك بعصرٍ