ـ(99)ـ
عن مستند)(1). في حين يراه غيرهم من الأصوليين دليلاً مستقلا، ومصدراً تشريعياً إلى جنب الكتاب والسنة(2).
أما الأصوليون من الإمامية فقد أوضح لنا السيد المرتضى قيمة الإجماع الذي يحتج ويستدل به الإمامية بقوله (ومما يجب علمه: أنّ حجة الإمامية في صواب جميع ما انفردت به أو شاركت فيه غيرها من الفقهاء هي: إجماعها عليه؛ لأن إجماعها حجة قاطعة، ودلالة موجبة للعلم، فإن انضاف إلى ذلك ظاهر كتاب الله تعالى أو طريقة أخرى توجب العلم وتثمر اليقين فيهي فضيلة ودلالة تنضاف إلى أخرى، و إلاّ ففي إجماعهم كفاية) (3).
وقد أجاب السيد المرتضى عن سبب إيثار الإمامية للإجماع كدليل على ما سواه من الأدلة وتخصيصه بالذكر من بينها بقوله: (وإنّما قلنا: إنّ إجماعهم حجة؛ لأن في إجماع الإمامية قول الإمام الذي دلت العقول على أنّ كلّ زمانٍ لا يخلو منه، وأنه معصوم لا يجوز عليه الخطأ في قول ولا فعل، فمن هذا الوجه كان إجماعهم حجة ودليلا) (4).
ومن هذا يتضح لنا إصرار السيد المرتضى على الإجماع، واعتماده دليلاً أكثر من غيره من الأدلة التي قد يتمسك بها تأييداً وإسناداً للإجماع، حتّى لا تكاد مسألة من مسائل "الانتصار" إلاّ ويكون الإجماع مدركها الأول ودليلها المعول.
وقد تابع السيد المرتضى في اعتبار الإجماع الدخولي غير واحد من الأعلام: كالسيد ابن زهرة، والمحقق الحلي، والعلامة الحلي، والشهيدين (5). ولعل السيد المرتضى
_____________________________________
1 ـ أصول الفقه للخضري: 282.
2 ـ إرشاد الفحول للشوكاني: 79.
3 ـ الانتصار لعلي بن الحسين المرتضى: 6.
4 ـ المصدر السابق: 6 (وهو ما يصطلح عليه بالإجماع الدخولي نسبة إلى دخول قول الإمام في أقوال المجمعين).
5 ـ الشهيدان هما: الشهيد الأول، محمّد بن مكي العاملي، راجع ترجمته في لؤلؤة البحرين للبحراني 143 أما الشهيد الثاني فهو زين الدين بن علي بن أحمد، راجع ترجمته في المصدر السابق 28.