ـ(100)ـ
تأثر برأي اُستاذه الشيخ المفيد (1).
والذي يتضح مما تقدم: أنّ من يرى استقلالية الإجماع فإن الإجماع يكون معصوماً عن الخطأ، والذي يتهم المجمعين بذلك فإنه يتهم الله ورسوله؛ لأن الإجماع يكون موجباً للحكم قطعاً: كالكتاب والسنة.
أما الإجماع عند الأصوليين من الإمامية: فإن ليس بدليل، وإنّما هو راو، والراوي لا يجوز الأخذ بقوله إلاّ بعد الوثوق بصدقة والأمن من خطئه، كما أنهم لا يعتبرون الإجماع شيئاً إلاّ مع القطع واليقين بأنه يكشف عن الدليل السليم، حيث إنّ مجرد الاحتمال بخطأ الإجماع يسقطه عن الاعتبار.
تعقيب:
قد يتفق الفقهاء على هجر حديث صحيح السند، فإن حصل الفقيه اتفاقهم بنفسه أو نقله بعض الثقاة من الفقهاء سقط ذلك الحديث من الاعتبار؛ لكشف اتفاقهم عن وجود خلل في الحديث مانع عن العمل به؛ لأنه بمرأى منهم ومسمع وهو صحيح السند، فلا يكون لهم عذر في هجره إلاّ ذلك الخلل المسقط لـه عن الاعتبار. وهذا المعنى ذكر وجهاً لوهن الحديث باشتهار إعراض الفقهاء عنه. فعلى فرض عدم قبوله بالنسبة للشهرة فهو مقبول في الإجماع(2).
وقد التبس هذا الوجه على بعض الأخباريين، ومنهم: الميرزا محمّد الأخباري، فأورد: بأن الإجماع لما لم يكن حجة في نفسه كيف يترك الخبر الصحيح لأجله إذا انعقد على خلافه: كالأخبار الواردة في غسل الجمعة ؟ (3). ولم يلتفت إلى أنّ حجية الإجماع
_________________________________
1 ـ أوائل المقالات للشيخ المفيد: 99.
2 ـ كفاية الأصول للشيخ محمّد كاظم الخراساني 2: 218.
3 ـ كشف القناع عن حجية الإجماع للأخباري: 30.