ـ(98)ـ
قول المعصوم فيه، وأن الحجة في ذلك إنما في قوله ـ عليه السلام ـ، وإذا كان حال الإجماع ما ذكر فلرب سائلٍ يتساءل: إنّ فقهاء الإمامية كثيراً ما يستندون إليه في جملة المسائل؟
فقد أجاب المحدث البحراني عن ذلك قائلاً: (إنهم كثيراً ما يستسلقونه مجازفةً في مواضع، وربما قيدوه بقولهم: (إنّ تم) أو (إنّ ثبت)، وأما في مقام التحقيق فإنهم يمزقونه تمزيقاً ويجعلونه حريقاً)(1).
ولذلك فإن من القدماء من يدعي الإجماع أحياناً مع وجود المخالفين في المسألة، بل أنّ الشخص نفسه قد يتفق على دعوى الحكم ثم يدعي خلافه في موضعٍ آخر.
قال الشيخ البحراني مورداً على حجية الإجماع: (إنّ أساطين الإجماع ـ كالشيخ الطوسي، والمرتضى وابن إدريس ـ قد كفونا مؤنة القدح فيه، وإبطاله بمناقضاتهم بعضهم بعضاً في دعواه، بل مناقضة الواحد نفسه في ذلك...، ولقد كان عندي رسالة، الظاهر أنها لشيخنا الشهيد الثاني كتبها في الإجماعات التي ناقض الشيخ فيها نفسه) (2).
لذا يمكن تفسير هذا التهالك على الإجماع من فقهاء المسلمين بعبارة واحدة هي: أنّه كان يشكل رافداً عظيماً ساعد على مد التشريع الإسلامي بكثير من الفتاوى(3).
ب ـ رأي الأصوليين:
إنّ بعض الأصوليين من المذاهب الإسلاميّة يرى: (أنّ الإجماع لا ينعقد إلاّ
____________________________
1 ـ المصدر السابق 9: 273.
2 ـ المصدر السابق 1: 37.
3ـ أصول الفقه للخضري: 273 ـ 276