ـ(96)ـ
الحجة في الإجماع إنّما كان بدخول المعصوم فيه، وموافقة قوله لأقوال المجمعين، فيحصل لنا بذلك: أنّ أكثر الإجماعات المنقولة في كتب الاستدلال لا تعويل عليها في حال، ولا يصح الاستناد عليها في الاستدلال وحالة المباحثة والجدال(1).
فالإجماع مع ظهور الإمام أو معرفة نسبه لا معنى لـه ولا فائدة فيه، كما اعترف به غير واحد من الأصوليين، ومع غيبته وعدم معرفته: فان أمكن العلم بقوله بوجه من الوجوه فلا حاجة لضم غيره، وإن لم يعلم قوله وإنما علم باتفاق الشيعة في عصر ـ مثلاً ـ فمع تسليم حصر هذا العلم لا يستلزم دخوله في جملتهم وإن كان هو رئيسهم وسيدهم؛ لتوقف ذلك على رؤيته متصدراً للفتوى، ومعرفة كونه من علماء الشيعة،... وهو في زمن الغيبة ممنوع (2).
لهذا عقب على ذلك قائلا: (ولماذا تربيع القسمة في الأدلة؟ وأين من عد الإجماع في ذلك؟ وأي فائدة من تلك التسمية؟ ما هذا إلاّ اصطلاح خاص غير نافع في البين، وصلح بين الفريقين بغير رضا الخصمين !) (3).
وقد سار الميرزا محمّد الأخباري على الطريقة نفسها في نفي كون الإجماع دليلاً مستقلاً عندما تساءل قائلاً: (فإن قلتم: ليس الإجماع عندنا حجةً برأسه بل كاشف عن الحجة وهو قول المعصوم عليه السلام ولذلك صار حجة قلنا: ليس إذاً الإجماع حجة برأسه عندكم، فلم جعلتموه حجة برأسه وأفردتموه عن الكتاب والسنة وزدتموه عليها ؟ وإذا كان الإجماع ليس بحجة في نفسه فما بالكم تعدونه دليلاً من الأدلة الأربعة في الأحكام الدينية وتعتبرونه كالكتاب والسنة؟!)(4).
أما المحدث البحراني: فإن الإجماع المعتبر عنده يتحدد في موردين لا يختلفان
__________________________________
1 ـ العصفوري، حسين بن محمّد: شرح مفاتيح الغيب للفيض الكاشاني، مخطوطة في مكتبة الشيخ عبد السحن الغراوي بتسلسل 13/ 1016/ 25.
2 ـ شرح مفاتيح الغيب للعصفوري 1: 26.
3 ـ شرح مفاتيح الغيب للعصفوري 1: 26.
4 ـ كشف القناع عن حجية الإجماع لمحمّد بن عبد النبي الأخباري: 31.