ـ(93)ـ
هناك مانع يمنع اتفاقهم على فهم حكم واحد منه متى دلت القرائن عليه وظهرت للجميع.
أما قياسهم الاتفاق على الحكم على الاتفاق بالنسبة إلى اشتهاء الطعام الواحد فإنه قياس مع الفارق؛ لأن الأكل يتبع المزاج والطبع، والناس مختلفون في أمزجتهم وطبائعهم، ولا كذلك الحكم الشرعي؛ لأنه تابع للدليل، فمتى توفرت ملكة الاجتهاد عند الجميع وبحثوا في الدليل الشرعي فلا استبعاد لأن يتفقوا على الحكم المأخوذ منه (1).
الصورة الثانية: وهي: استحالة العلم به على فرض تحققه:
وقد قرب الشويهي ـ محمّد بن يونس ـ هذه الصورة التي ذكرناها في المبحث الثالث عند الحديث عن إمكان الإجماع، وهل يمكن العلم به والاطلاع عليه ؟
ويتلخص الاستدلال: بأن ما ليس بضروري ولا وجداني فطريق معرفته الحس أو الخبر أو النظر العقلي، والوقوف على الثلاثة متعذر (2).
وقد أورد على هذا الاستدلال بإجماع الصحابة على بيعة أبي بكر بالخلافة، وكذلك اتفاقهم على جمع المصحف في عهده أيضاً، ونقل ذلك بالتواتر إلى اليوم، وأنه يكفي في نقض الدعوى أنّ أثبت بعض جزئياتها في عصر الصحابة (3). إلاّ أنّه يمكن القول: بأن الإشكال باق إذا أريد من الإجماع اتفاق أمة محمّد صلى الله عليه وآله على مختلف مذاهبها وآرائها(4).
_______________________________________________
1 ـ المصدر السابق: 171.
2 ـ مخاصمات المجتهدين للشويهي 2: 329.
3 ـ أصول الفقه الإسلامي لمحمد مصطفى شلبي: 170
4 ـ الأصول العامة للفقه المقارن لمحمد تقي الحكيم: 273.