ـ(91)ـ
وإغراقهم في الفحص عن مأخذ الأحكام) (1).
وقد أورد الآمدي عليه: بأن العادة لا تحيل الخطأ على الخلق الكثير، ولهذا فإن اليهود والنصارى مع كثرتهم كثرة تخرج عن حد التواتر قد أجمعوا على تكذيب محمّد صلى الله عليه وآله وإنكار رسالته، وليس ذلك إلاّ لخطئهم، فإما أنّ يقال باستحالة الخطأ عليهم فيما ذهبوا إليه، أو لا يقال باستحالته: فإن كان الأول لزم أنّ لا يكون محمّد صلى الله عليه وآله نبياً حقاً؛ لإجماعهم على تكذيبه، وإن كان الثاني فهو المطلوب (2).
الصورة الثانية: وهي التي تسمى بـ"قاعدة اللطف" والمنسوبة إلى الشيخ الطوسي، وتقريبها: أنّه (متى فرضنا أنّ يكون الحق في واحد من الأقوال ولم يكن هناك ما يميز ذلك القول من غيره فلا يجوز للإمام المعصوم ـ حينئذ ـ الاستتار، ووجب عليه أن يظهر ويبين الحق في تلك المسألة، أو يعلم بغض ثقاته ـ الّذين يسكن إليهم ـ الحق من تلك الأفعال حتّى يؤدي ذلك إلى الأمة) (3).
وقد نوقشت قاعدة اللطف تلك بمناقشات عديدة منها: أنّ اللطف إنّما يقتضي نصب النبي صلى الله عليه وآله أو الإمام وأداء هم الرسالة على الوجه المتعارف، وهم أدوا ذلك على النحو المطلوب منهم، ولا يقتضي اللطف أزيد من ذلك بحيث يكون على النبي صلى الله عليه وآله أو الإمام إرشاد كلّ جاهل وردع كلّ مشتبه ولو بطريق السر، وإلا لما وقع الاختلاف بين الفقهاء، فلو كان الواجب عليه هو الردع والإقناع ولو بالطرق الخارقة للعادة لما أفتى مجتهد بخلاف الواقع (4).
_________________________________________
1 ـ المنخول للغزالي 2: 306.
2 ـ الإحكام للآمدي 2: 76.
3 ـ عدة الأصول للطوسي 2: 76.
4 ـ راجع اللمعة الساطعة للسيد طيب الجزائري: 28 ـ 29، وعلم أصول الفقه في ثوبه الجديد، محمّد جواد مغنية: 230.