ـ(90)ـ
مناقشة الأحاديث:
لقد نوقشت هذه الأخبار بأن بعضها بعيد عن مصطلح الإجماع فرضاً عن جعل الحجية لـه ، فإن أخباراً مثل: (يد الله مع الجماعة) أو (أنّ الشيطان مع الواحد وهو مع الاثنين أبعد) إنما تدعو إلى التقارب وتحث عليه وتنهى عن التباعد.
أما حديث معاذ: فإنه تضمن الحث على طاعة الأمراء وعدم الخروج عليهم، كما تضمن الحث على صلاة الجمعة.
وفي حديث: "لا تجتمع أمتي على ضلالة" قال الغزالي: "ولكن هذا الحديث يحتمل حمله أيضاً على البدعة والضلالة في الدين والاعتقاد، وعلى الإخلال بأصل الدين، فضعف التمسك به من هذا الوجه" (1).
بينما ذهب المحقق الكاظمي إلى أنّ هذا الحديث أو ما في معناه من الأحاديث التي يعتمد عليها، وقد ادعى تواتره معنى، وأن العلامة الحلي ممن اعتمد عليه (2).
ج ـ الاستدلال بالعقل: وقد صور بصورتين:
الصورة الأولى: وقد صورها لنا الغزالي في المنخول فقال: (فإن قيل: فما المختار عندكم في إثبات حجية الإجماع ؟ قلنا: لا مطمع في مسلك عقلي إذ ليس فيه ما يدل عليه، ولم يشهد لـه من جهة السمع خبر متواتر ولا نص كتاب، وإثبات الإجماع بالإجماع تهافت، والقياس المظنون لا مجال لـه في القطعيات، وهذه مدارك الإحكام، ولم يبق وراءه إلاّ مسالك العرف، فلعلنا نتلقاه منه ثم عرضه بالصورة التالية، وهي: أنّ تجتمع الأمة على القطع في مسألة مظنونة، فإذا قطعوا قولهم وقد كثر عددهم بحيث لا يتصور منهم في طرد العادة التواطؤ على الكذب فهذا يورث العلم إذ يستحيل في العادة ذهولهم وهم الجمع الكثير عن مسلك الحق مع كثرة بحثهم
_____________________________________
1 ـ المنخول للغزالي 2: 306.
2 ـ كشف القناع عن وجوه حجية الإجماع للمحقق الكاظمي: 6.