ـ(88)ـ
أراد بعضهم، ولا يمكن حملها على الجميع لفقد دلالة الخصوص؛ لأن لقائل أنّ يقول: أحملها على الأقل لفقد الدليل على أنّ المراد بها الكل(1).
وقال الغزالي: والذي نراه: أنّ الآية ليست نصاً في الغرض، بل الظاهر أنّ المراد بها: أنّ من يقاتل الرسول ويشاقه ويتابع غير سبيل المؤمنين في نصرته ودفع الأعداء نوله ما تولى، ولو فسر رسول الله صلى الله عليه وآله به لقبل ولم يجعل رفعاً للنبي(2). وبهذا أخرج دلالة الآية على الإجماع.
أما الآية الثانية: فالذي يرد عليها: أنّ المراد من الأمة: إما أنّ يكون جميع الأمة المصدقة بالرسول صلى الله عليه وآله ، أو بعضها، وقد علمنا: أنّه لا يجوز أنّ يريد بها جميعاً؛ لأن كثيراً منها ليس بخيار، ولا يجوز من الحكيم تعالى أنّ يصف جماعة بأنهم خيار عدول وفيهم من ليس بعدل ولا خير، فإذن لا دلالة فيها على العموم (3).
كما أنّ الآية مجملة، وموضع الإجمال فيها: أنّ قوله تعالى: [جعلناكم أمة وسطا] إذا سلمنا أنّ المراد بها: جعلناكم عدولاً خيارا فهل جعلهم عدولاً في كلّ أقوالهم وأفعالهم أو في بعضها ؟ فالقول مجمل. ويمكن أنّ يكون تعالى أراد منهم: أنهم عدول فيما يشهدون به في الآخرة (4).
وإذا تجاوزنا عن جميع ما ذكر فأنى لنا استعلام أنّ الخطأ الذي يكون كبيراً أو يؤثر في العدالة مأمون منهم وغير واقع من جهتهم، وبهذا يتضح: أنّه لا مجال للاستدلال على حجية الإجماع بهذه الآية. وما تقدم من إيراد على الآية الثانية أورد على الآية الثالثة، وذلك في خصوص المراد من لفظ "الأمة"، إذ يمكن أنّ يقال في هذه الآية: إنّ المراد بها: قوم معنيون لما تضمنته من حرف الإشارة في المخاطبين، وليس
______________________________
1 ـ عدة الأصول للطواسي 2: 65.
2 ـ أصول الفقه للخضري: 286.
3 ـ عدة الأصول للطوسي 2: 70.
4 ـ عدة الأصول للطوسي 2: 70.