ـ(86)ـ
قد أومأ إلى نحو قول الظاهرية، والقول الآخر لأحمد وهو أصح القولين عند أصحابه مع الجمهور) (1)، وكان استدلالهم بالكتاب والسنة والعقل:
أ ـ أدلتهم من الكتاب:
فقد استدلوا بآيات دلت بظاهرها على حجية الإجماع، وهي ليست نصاً في الدلالة حتّى تفيد القطع واليقين.
قال الآمدي: (إنّ التمسك بها وإن كانت مفيدة للظن فغير مفيدة في القطع (2)، وقد حصر الآمدي الآيات بخمس، وهي:
الأولى: قوله تعالى: [ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين لـه الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً](3).
وتقريب الاستدلال: قال عنها الآمدي: (إنها أقوى ما استدلوا به، وبها تمسك الشافعي)(4).
وقد قرب صاحب المعتمد دلالتها بقوله: (إنّ الله جمع بين مشاقة الرسول واتباع غير سبيل المؤمنين في الوعيد، فلو كان اتباع غير سبيل المؤمنين مباحاً لما جمع بينه وبين المحظور في الوعيد. ألا ترى إنه لا يجوز أنّ يقول الحكيم لعبده: (إنّ زنيت أو شربت الماء عاقبتك)، وإذا قبح اتباع غير سبيلهم وجب تجنبهم، ولم يكن تجنبه إلاّ باتباع سبيلهم؛ لأنه لا وسط بين اتباع سبيلهم واتباع غير سبيلهم)(5).
الثانية: قوله تعالى: [وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس](6).
____________________________________
1 ـ روضة الناظر وجنة المناظر لابن قدامة المقدسي: 74.
2 ـ الإحكام في أصول الأحكام للآمدي 1: 162.
3 ـ النساء: 115.
4 ـ أحكام القرآن لمحمد بن إدريس بن العباس الشافعي 1: 39.
5 ـ المعتمد في أصول الفقه 2: 462 لمحمد بن علي بن الطيب البصري (ت 436 هـ )، والمنخول من تعليقات الأصول لمحمد بن محمّد الغزالي: 305
6 ـ البقرة: 143.