ـ(74)ـ
عمل أو منفعة يؤديها المصدر تمكنه من القيام بهذه العملية النافعة.
ويطرح الشيخ المؤمن الموضوع بشكل أعمق، مناقشاً مسألة الالتزام المتحقق نتيجة دخول الطرفين (المصدر والحامل) في هذه العملية قائلاً: بأنه قد يتوهم أنّه من مصاديق عقد الحوالة، ولكنه مردود: بأن عقد الحوالة يتم عند إنشائها، ولا إنشاء لها في هذه المرحلة، بل قد لا تستعمل البطاقة مطلقاً. ويرى: أنّه عقد قائم برأسه عقلائي تشمله عمومات الأدلة المصححة: كـ [أوفوا بالعقود] (1)، والعقدية هنا متوفرة بعد ارتباط قرارين، بل قد تنطبق عليه أدلة العناوين الخاصة، إذ أنّ تعهد كلّ منهما بما إليه أمره هو تعاقد عقلائي، كما رد شبهتين تنالان موضوع شمول العمومات للمورد:
إحداهما: مسألة اقتصار صحة العقود على التي كانت معروفة في زمان صدور الآية المباركة.
والأخرى: شبهة الغرر التي أشار إليها الدكتور "القري". وذكر المؤمن: أنّ دليل المنع من الغرر ـ رغم ثبوته وعمومه لكل المعاملات ـ لا يرادف الجهل، وإنما يستبطن الخطر، فحديث الغرر إنّما يخصص عموم الآية في الموارد الحظرية فقط، وموردنا ليس منها بعد تحديد المستوى الأعلى والشروط وأمثال ذلك.
وهذا جواب متين يقوى التصديق به إذا لا حظنا أنّ أنماطاً من الجهل بمصير أي عقد متوفر في كثير من العقود الصحيحة: كالمساقاة والمزارعة والمضاربة والشركة. وكذلك إذا لاحظنا عقد الحراسة وأمثاله مما لا يعلم بالدقة مدى الجهد المبذول فيه، وإن كنت أرى أنّ الغررية عموماً تلازم الخديعة، أو تلك التي تفضي إلى نزاع لا ترجيح فيه كما ذكر الشيخ "الزرقا" وطرحه الشيخ "الأنصاري" في "مكاسبه". وربما يظهر من كلام الإمام الخميني ـ رحمه الله ـ في كتابه "البيع" على أننا لا نرى جهلاً أصلاً هنا إذا جعلناه في مقابل التمكين إلى مستوى معين.
_________________________________________________
1 ـ المائدة: 1.