ـ(65)ـ
على ظواهرها المتعارفة. والظاهر: هو المعهود من نعوت الآدميين، والشي إنّما يحمل على حقيقته إنّ أمكن، فإن صرف صارف حمل على المجاز.
ثم يتحرجون من التشبيه، ويأنفون من إضافته إليهم، ويقولون: نحن أهل السنة، وكلامهم صريح في التشبيه، وقد تبعهم خلق من العوام. وقد نصحت التابع والمتبوع، وقلت: يا أصحابنا، أنت أصحاب وأتباع، وإمامكم الأكبر أحمد بن حنبل ـ رحمه الله ـ يقول وهو تحت السياط: كيف أقول ما لم يقل ؟ فإياكم أن تبتدعوا من مذهبه ما ليس منه!
ثم قلتم: الأحاديث تحمل على ظاهرها، فظاهر القدم الجارحة. ومن قال: استوى بذاته المقدسة فقد أجراه مجرى الحسيات، وينبغي ألا يهمل ما يثبت به الأصل وهو العقل، فإنا به عرفنا الله تعالى، وحكمنا لـه بالقدم، فلو أنكم قلتم: نقرأ الأحاديث ونسكت ما أنكر أحد عليكم، إنما حملكم إياه على الظاهر قبيح، فلا تدخلوا في مذهب هذا الرجل السلفي ما ليس فيه(1).
وإذا كان المعتزلة والأشاعرة والخطيب ابن الجوزي الحنبلي يؤولون فإن الشيعة الإمامية يفسرون الأسماء والصفات بالقرآن.
يقول الشيخ المفيد في قوله تعالى: [الرحمن على العرش استوى](2): (وأما لفظة "استوى" وهي التي جعلت الآية من المتشابهات عند القوم ـ فمعناها: التمكن التام، والاستيلاء الكامل، بدليل ما يظهر من آية: [فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك](3).أي: تمكنت، وآية [فاستغلظ فاستوى على سوقه](4) أي: تمكن واستقام، وآية:[ ولما بلغ أشده واستوى آتيناه حكما](5) فالاستواء فيهن بمعنى: التمكن التام دون الجلوس كما زعمت المشبهة، وكثير في محاورات العرب استعمال
_____________________________________
1 ـ دفع شبهة التشبيه، لابن الجوزي: 8 تحقيق محمّد زاهد الكوثري، ط. دمشق (1933 م).
2 ـ طه: 6.
3 ـ المؤمنون: 28.
4 ـ الفتح: 29.
5 ـ القصص: 14.