ـ(40)ـ
إلاّ على الله رزقها](1)، وكل ذلك على سبيل الحصر والقصر. وهذه الآيات تقطع الطريق على من يدعي التفويض بالرزق والخلق.
2 ـ ادعاء علم الغيب للأئمة:
قال الشيخ المفيد: (فأما إطلاق القول على الأئمة بأنهم يعلمون الغيب فهو منكر بين الفساد؛ لأن الوصف بذلك إنّما يستحقه من علم الأشياء بنفسه لا بعلم مستفاد، وهذا لا يكون إلاّ لله عز وجل، وعلى قولي هذا جماعة أهل الإمامة، إلاّ من شذ عنهم من المفوضة ومن انتمى إليهم من الغلاة) (2).
والشيخ المفيد يعالج هذه المسألة من زاوية أخرى فيقول:
(أما ما ورد من الأخبار التي يفيد ظاهرها بأنهم ـ عليهم السلام ـ يعرفون ما في ضمائر بعض العباد، ويعرفون ما يكون فتأويل ذلك عنده: أنّه ليس ذلك بواجب في صفاتهم، ولا شرطاً في إمامتهم، وإنما أكرمهم الله تعالى به، وأعلمهم إياه للطف في طاعتهم والتمسك بإمامتهم، وليس ذلك بواجب عقلاً، ولكنه وجب لهم من جهة السماع) (3).
وقد روى في أماليه فقال: (أخبرني الحسين بن أحمد بن المغيرة، قال: أخبرني أبو محمّد حيدر بن محمّد السمرقندي، قال: أخبرني أبو عمرو بن عمرو الكشي، قال: حدثنا حمدويه بن نصير قال: حدثنا يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن ابن المغيره قال: كنت أنا ويحيى بن عبدالله بن الحسن عند أبي الحسن عليه السلام فقال لـه يحيى: جعلت فداك، إنهم يزعمون أنك تعلم الغيب، فقال: سبحان الله ! ضع يدك على رأسي، فوالله ما بقيت شعرة فيه ولا في جسدي إلاّ قامت، ثم قال: لا والله ما هي إلاّ وراثة عن رسول الله صلى الله عليه وآله )(4). وفي هذا المعنى ورد عن أمير
_______________________________
1 ـ هود: 6، وراجع بحار الأنوار 25: 263.
2 ـ أوائل المقالات: 77.
3 ـ أوائل المقالات: 77.
4 ـ آمالي المفيد تحقيق الحسين اُستاد ولي وعلي أكبر الغفاري، منشورات جماعة المدرسين في الحوزة العلمية، قم المقدسة المطبعة الإسلاميّة، 1403 هـ، ص 23.