ـ(38)ـ
ثم بين بعد ذلك الرأي الصحيح والاعتقاد السليم، فقال: (إنّ رسل الله تعالى من البشر، وأنبياءه والأئمّة من خلفائه محدثون مصنوعون، تلحقهم الآلام، وتحدث لهم اللذات، وتنمو أجسامهم بالأغذية، وتنقص على مرور الزمن، ويحل بهم الموت..قال: وهذا القول عليه إجماع أهل التوحيد، وخالفنا فيه المنتمون إلى التفويض وطبقات الغلاة) (1).
وهنا نجد أن الأشعري يذكر: (أنّ الغالية سموا بذلك لأنهم غلوا في علي عليه السلام وقالوا فيه قولاً عظيماً...). ويظهر مما أورده وسطره: أنّ آراءهم تتركز في ادعاء الألوهية، أو ادعاء حلول الباري عز اسمه في الإمام أو النبي(2).
أما الشهرستاني فيقول: (والغلاة: هم الّذين غلوا في حق أئمتهم حتّى أخرجوهم من حدود الخلقية، وحكموا فيهم بأحكام الإلهية، فربما شبهوا واحداً من الأئمة بالإله، وربما شبهوا الإله بالخلق) (3).
وهنا ملاحظة هامة يلتفت إليها الشهرستاني، وهي: تشبيه الإله بالخلق هو الآخر يعد غلواً. وقد جاء عن أئمة أهل البيت ـ عليهم السلام ـ مثل هذا التنبيه: فعن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: "من قال بالتشبيه والجبر فنحن منه براء، ثم قال: يا ابن خالد، إنّما وضع الأخبار عنا في التشبيه والجبر الغلاة الّذين صغروا عظمة الله تعالى"(4).
جاء في بحار الأنوار عن الأئمة: "احذروا على شبابكم الغلاة لا يفسدونهم، فإن الغلاة شر الخلق، يصغرون عظمة الله، ويدعون الربوبية لعباد الله"(5).
____________________________________
1 ـ أوائل المقالات: 84.
2 ـ مقالات الإسلاميين، نشر ريتر: 5 ط 3، سنة (1400 هـ).
3 ـ الملل والنحل 1: 288.
4 ـ راجع بحار الأنوار 25: 266، وميزان الحكمة للري شهري 7: 281 مادة (غلو). نشر مكتبة الاعلام الإسلامي (1404 هـ ) طهران.
5 ـ بحار الأنوار 25: 265 راجع الإمام الصادق لأسد حيدر 1: 234. دار الكتاب الإسلامي بيروت ط 2 (1390 هـ).