ـ(36)ـ
بواطن الأمور، والكشف عن عللها وغوامض متعبّداتها. قال: ومنه الحديث: وحامل القرآن غير الغالي فيه، والجافي عنه، وإنّما قال ذلك لأن من آدابه وأخلاقه التي أمر بها: القصد في الأمور) (1).

أما في كتب التفسير:
فقد جاء في مجمع البيان: (الغلوّ: مجاوزة الحدّ، يقال: غلا في الدين غلوّاً) (2).
وفي تفسير أبي السعود قال: (هو الإفراط وتجاوز الحدّ).
وجاء في أكثر التفاسير في قوله تعالى: ?يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم?: إنّ الخطاب هنا لأهل الكتاب من اليهود والنصارى؛ وذلك لأن النصارى غلت في المسيح فقالت: هو ابن الله، وبعضهم قال: هو الله، وبعضهم قال: هو ثالث ثلاثةٍ وقيل: الإفراط في شأن عيسى عليه السلام وادّعاء الوهيته(3).
قال الشيخ المفيد رحمه الله: (الغلوّ: هو التجاوز عن الحدّ والخروج عن القصد) وفي تفسيره للآية: ?لا تغلوا في دينكم? قال: (إنّ الله تعالى نهى عن تجاوز الحدّ في المسيح، وحذر من الخروج عن القصد، وجعل ما ادعته النصارى فيه غلوّاً لتعدّيه الحدّ) (4). ويظهر ممّا قاله: أنّ المعيار في الغلوّ هو: مطلق تجاوز الحدّ، والخروج عن القصد.
________________________________
1 ـ لسان العرب: (مادة: غلو).
2 ـ مجمع البيان للطبرسي 2: تفسير الآية 171 من سورة النساء.
3 ـ راجع تفسير أبي السعود 2: 259 تفسير الآية، وتفسير الرازي، وتفسير روح المعاني للآلوسي، وتفسير الميزان.
4 ـ أوائل المقالات: 238، طبعة إيران، تبريز، (1370هـ)، وراجع تصحيح الاعتقاد: 109 منشورات الرضي، قم (1363 هـ .ش).