ـ(35)ـ
الحماقات؛ وذلك لمخالفتهم ضرورة المشاهدة والحس، ومنطق العقل ومنهج الشرع الشريف والإجماع.
وثانيهما: بيان العقائد الصحيحة والآراء السديدة التي يؤيدها منطق العقل وترتضيها الشريعة؛ لأنها تنبع من الأصول الدينية، وتؤيدها الروايات الصحيحة والأخبار المستفيضة المعتبرة.
إنّ الشيخ المفيد ـ رحمه الله ـ باتباعه مثل هذا المنهج الرصين قد قطع الطريق على المرجفين، وسدد السهم إلى نحور الكائدين، وافشل خطط المتربصين، وكشف في عين الوقت عن سلامة خط أهل البيت ـ عليهم السلام ـ، وأنه الخط الأصيل الذي لا يتلبس به باطل، ولا يميل بأهله وتابعيه الزيغ والهوى.
إنّ هذه الدراسة المختصرة التي نقدمها عن موقف الشيخ المفيد من الغلو والغلاة سيتضح من خلالها ـ إنّ شاء الله ـ هذا المنهج وهذه الرؤية والموقف، ونترك للقارئ الكريم التقويم والاستنتاج.

الغلو في اللغة والاصطلاح:
الغلو في اللغة: مجاوزة الحدّ (1). قال في اللسان: (وفي التهذيب: قال بعضهم: غلوت في الأمر غلواً وغلانيةً إذا جاوزت فيه الحدّ، وأفرطت فيه). ثم قال ابن منظور: (وغلا في الدين غُلواً: جاوز حدّه. وفي التنزيل: [لا تغلوا في دينكم](2). وفي الحديث: إياكم والغلو في الدين)(3).قال ابن منظور: أي: التشدد فيه، ومجاوزة الحدّ كالحديث الآخر: إنّ هذا الدين متين، فأوغل فيه برفق(4). وقيل: معناه: (البحث عن
____________________________
1 ـ مختار الصحاح للرازي (مادّة غلو).
2 ـ النساء: 171.
3 ـ سنن النسائيّ مناسك: 217.
4 ـ راجع المعجم المفهرس لألفاظ الحديث 4: 558، ولسان العرب (مادة: غلو)