ـ(33)ـ
أمّا فيما يتّصل بالشيعة ولصوق ظاهرة الغلو ـ أو على الأصح إلصاقها بهم ـ فيذكر الدكتور الشييبي: (أنّ سبب ذلك يعود إلى عامل نفسي يتمثل برد الفعل لدى الكوفيين؛ لتفريطهم بحق الإمام علي عليه السلام عندما عاش بين ظهرانيهم.
وينقل عن الدكتور طه حسين أنّه يذهب إلى نحو هذا الرأي، معللاً الغلّو بأنه كان عزاء للكوفيين عما قدموا للإمام علي عليه السلام من إساءة أيام حياته... ثم يضيف الدكتور طه إلى ذلك عاملاً آخر هو: الاضطهاد الذي فتح عيون الكوفيين على البون الشاسع بين سياسة علي عليه السلام وسياسة أعدائه من الأمويين بالنسبة لهم) (1).
وينقل الدكتور الشيبي عن الدكتور علي الوردي تأييده لرأي الدكتور طه المذكور، بيد أنّه يضيف إليه قوله: (إنّ العراقيين لم يغالوا في حب محمدٍ صلى الله عليه وآله لم يكن محرماً عليهم، فقد كان حكامهم يشتركون معهم في هذا الحب) (2). ومعنى ذلك على ما يفهم من كلامه: أنّ الغلو رّدة فعل ضد الحكام، وأن الناس ـ عادة ـ حريصون على ما منعوا عنه. وخلص الدكتور الشيبي بعد عرض تلك الآراء إلى القول: (فعاد ملاك الغلو إلى الندم والحب ومقاساة الاضطهاد) (3).
ويذهب الشيخ أسد حيدر في تفسيره لظاهرة الغلو إلى اتجاه آخر، فهو يرى: أنّ السياسة كانت وراء الفرق الضالة: (إذ سهلت لهم الطرق ليصلوا إلى غايات في نفوسهم من الوقيعة في الشيعة، وعليه فإن دخول الغلاة في صفوف الشيعة كان حركةً سياسيةً من جهةٍ، ومحاولة الفتك بالإسلام والكيد لـه من جهةٍ أخرى) (4).
_______________________
1 ـ الصلة بين التصوّف والتشيّع 1: 127.
2 ـ المصدر نفسه.
3 ـ المصدر نفسه.
4 ـ الإمام الصادق والمذاهب الأربعة 2: 234.