ـ(256)ـ
3 ـ وقد يقع في نفس من بلغه الحديث أنّ راويه قد وهم ولم يحفظ. وقد نقل مثل هذا عن الصحابة وعمن بعدهم:
ومن أمثلة ذلك على عهد الصحابة: ما فعلته عائشة في الخبر الذي رواه ابن عمر عن ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ: من أنّ الميت يعذب ببكاء أهله عليه، فقضت عائشة عليه بأنه لم يأخذ الحديث على وجهه: مر رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ على يهودية يبكي عليها أهلها فقال: "إنهم يبكون عليها وإنها تعذب في قبرها"(1). فظن العذاب معلولاً للبكاء، فجعل الحكم عاماً على كلّ ميت.
وشبيه بهذا فيما بعد الصحابة ما رواه ابن ماجة، عن إسماعيل بن محمّد الطلحي، عن ثابت بن موسى العابد الزاهد، شريك الاعمش، عن أبي سفيان، عن جابر مرفوعاً: "من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار" (2).قال الحكم: دخل ثابت على شريك وهو يملي ويقول: حدثنا الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر قال، قال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وسكت ليكتب المستملي، فلما نظر إلى ثابت قال ـ: "من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار" قوصد بذلك ثابتاً لزهده وورعه، فظن ثابت أنّه متن ذلك الإسناد فكان يحدث به، وقال ابن حبان: إنما هو قول شريك قاله عقب حديث ألأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر مرفوعاً: "يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم" فأدرجه ثابت في الخبر(3).
ب ـ ومما يرجع إلى المتن:
1 ـ نقد ابن حزم لحديث قيل: إنّ الحسن رواه عن ابن عباس جاء فيه: أنّه خطب في آخر رمضان على منبر البصرة، فقال: أخرجوا صدقة صومكم، فكأن الناس لم يعلموا، فقال: من ها هنا من أهل المدينة ؟ فقوموا إلى إخوانكم فعلموهم فإنهم
____________________________
1 ـ سنن النسائي 4: 16:، 17، 18.
2 ـ كنز العمال 7: 783.
3 ـ الباعث الحثيث إلى معرفة علوم الحديث لابن كثير: 775.