ـ(255)ـ
لا تفعلوا إلاّ بأم القرآن، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها"(1) رواه أبو داود والترمذي.
وقد استدل الشافعية بهذا الحديث فيما استدلوا به على وجوب قراءة الفاتحة على المأموم، وفي هذا الحديث يقول ابن قدامة المقدسي صاحب المغني: (حديث عبادة لم يروه غير ابن إسحاق ونافع بن محمود بن ربيع، وبان إسحاق مدلس، ونافع أدنى حالاً منه.
وهذا النوع كثير، وهو اساس هام من أسس الخلاف، ولا سيما بين السنة والإمامية والزيدية، فكل فريق منهم يرى أحاديث ثبتت عنده لا يراها الآخر، بسبب تجريحهم من رواها، أو عدم الأخذ عنه لأمر آخر قام لديهم)(2).
2 ـ ومن ذلك: اختلافهم في العمل بالحديث المرسل ـ وهو قول غير الصحابي:
قال رسلو الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ فبعضهم يرى العمل به، وبعضهم لا يرى ذلك.
قال ابن الصلاح: (الاحتجاج به مذهب مالك وأبي حنيفة وأصحابهما في طائفة، والشيعة يأخذون بالمرسل إذا علم من حال مرسله أنّه لا يرسل عن غير الثقة فينظمونه في سلك الصحاح، كمراسيل محمّد بن أبي عمير) (3).
ويقول ابن كثير: إنّ الاحتجاج به محكي عن الإمام أحمد بن حنبل في رواية، وأما الشافعي فنص على أنّ مرسلات سعيد بن المسيب حسان، قالوا: لأنه تتبعها فوجدها مسندةً، والذي عول عليه كلامه في "الرسالة" أنّ مراسيل كبار التابعين حجة إنّ جاءت وجهٍ آخر ولو مرسلة، أو اعتضدت بقول صحابي أو أكثر العلماء، أو كان المرسل لو سمي لا يسمى إلاّ ثقة، فحينئذ يكون مرسله حجة، ولا ينتهي إلى رتبة المتصل) (4).
_______________________________
1 ـ سنن الترمذي 2: 117.
2 ـ لنا في هذا الشأن تعقيب سيمر بك قريباً.
3 ـ الرسالة "الوجيزة" للشيخ بهاء الدين العاملي: 3 طبع إيران.
4 ـ الباعث الحثيث لابن كثير: 385.