ـ(254)ـ
بعدكم أشد اختلافاً ! فقال علي: يا أمير المؤمنين، إنه ليس أحد أعلم بهذا من شأن رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ من أزواجه، فأرسل إلى حفصة، فقالت: لا علم لي فأرسل إلى عائشة، فقالت: إذا جاوز الختان الختان وجب الغسل، فقال: لا أسمع برجل فعل ذلك إلاّ أوجعته ضرباً، يريد عدم الاغتسال من الإكسال (1).
2 ـ ثم جاء بعد ذلك عصر التابعين، فأخذ كلّ بما علم من رواية من الصحابة، وغاب عن بعضهم كذلك ما علمه غيرهم، ثم أتى بعد التابعين فقهاء الأمصار، كأبي حنيفة، وسفيان، وابن أبي ليلى، وابن جريح، ومالك، وابن الماجشون، وعثمان البتي، وسوار، والأوزاعي، والليث، وزيد بن علي، وجعفر بن محمّد، وغيرهم، فمنهم: من كان في الكوفة، ومنهم: من كان بمكة، ومنهم: من كان بالبصرة، ومنهم: من كان بالمدينة، ومنهم: من كان بالشام ومنهم: من كان بمصر... إلى آخره. فجروا على تلك الطريقة من أخذ كلّ واحدٍ منهم عن التابعين من أهل بلده فيما كان عندهم، واجتهادهم فيما لم يجدوه عندهم وهو مووجود عند غيرهم (2).
ثانياً: قبول الحديث أو عدم قبوله:
قد يقبل بعض المجتهدين حديثاً لتوافر شروط القبول في نظره، ويرده آخر لعدم توافر شروط القبول عنده، ويقع ذلك على وجوه: منها: ما يرجع إلى السند، ومنها: ما يرجع إلى المتن.
أ ـ فما يرجع إلى السند:
1 ـ ما استدل به الشافعية من حديث مروي عن عبادة بن الصامت، حيث قال: "صلّى رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ الصبح فثقلت عليه القراءة فلما انصرف قال: إني أراكم تقرأون وراء إمامكم، قال: قلنا يارسول الله: إي والله، قال:
____________________________
1 ـ أعلام الموقعين 1: 63.
2 ـ الاحكام لابن حزم 2: 126.