ـ(253)ـ
فمن أمثلة ذلك: ما أخرجه مسلم: من أنّ ابن عمر كان يأمر النساء إذا اغتلسن أنّ ينقضن رؤوسهن، فسمعت عائشة بذلك فقالت: يا عجباً لابن عمر ! هذا يأمر النساء إذا اغتسلن أنّ ينقضن رؤوسهن، أفلا يأمرهن أنّ يحلقن رؤوسهن ؟! لقد كنت أغتسل أنا ورسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ من إناءٍ واحدٍ، وما أزيد على أنّ أفرغ على رأسي ثلاث إفراغات (1).
ومنها: ما ذكره الزهري: من أنّ هنداً لم تبلغها رخصة رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ في المستحاضة ـ وهي التي ينزل عليها الدم بعد أقصى مدة الحيض ـ فكانت تبكي لأنها لا تصلي (2).
ومنها: ماروي عن رفاعة بن رافع قال: بينا أنا عند عمر بن الخطاب ـ رضى الله عنه ـ إذ دخل عليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين، هذا زيد بن ثابت يفتي الناس في المسجد برأيه في الغسل من الجنابة، فقال عمر: علي به، فجاء زيد، فلما رآه عمر قال: أي عدو نفسه ! قد بلغت أنّ تفتي الناس برأيك ؟ فقال: يا أمير المؤمنين، والله ما فعلت، ولكن سمعت من أعمامي حديثاً فحدثت به من أبي أيوب، ومن أبي بن كعب، ومن رفاعة بن رافع، فقال عمر: علي برفاعة بن رافع، فقال: قد كنتم تفعلون ذلك إذا أصاب أحدكم المرأة فأكسل أنّ يغتسل ؟ فقال: قد كنا نفعل ذلك على عهد رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ لم يأتنا فيه عن الله تحريم، ولم يكن فيه عن رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ شيء، فقال عمر: ورسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ يعلم ذلك ؟ قال: ما أدري، فأمر عمر بجمع المهاجرين والأنصار، فجمعوا وشاروهم، فشار الناس أنّ لا غسل إلاّ ما كان من معاذ وعلي، فإنهما قالا: إذا جاوز الختان الختان وجب الغسل ن فقال عمر: هذا وانتم أصحاب بدرٍ قد اختلفتم، فمن
___________________________________
1 ـ صحيح مسلم: كتاب الحيض 1: 260 / حديث 331.
2 ـ أعلام الموقعين 1: 66.