ـ(228)ـ
والتقوى، وبأهل بيت النبوة في الاستسقاء وغيره، وأن ذلك مما أجمع عليه جمهور الأئمة والفقهاء، بما فيهم الشوكاني وابن قدامة الحنبلي، والصنعاني وغيرهم.
والفرق بعد هذا بين حياته وموته خلط عجيب وغريب في البحث لا مسوغ لـه ) (1) انتهى.
هذا كله بالنسبة إلى التبرك بآثار النبي حياً وميتاً. وأما التوسل بذاته أو بأحد من أهل بيته فهو كذلك كما رأينا في مطاوي كلام الدكتور البوطي وكان معمولاً به حتّى بعد وفاته. كما استسقى الخليفة عمر ـ رضى الله عنه ـ متوسلاً بعم النبي العباس من دون نكير من أحد من الصحابة، ومن دون أنّ يكون لحياة النبي وموته تأثير عنده في جواز التوسل به.
ومرد ذلك: أنّ التبرك بآثار النبي والتوسل به وبآثاره وبذريته والأتقياء من أتباعه ليس معناه طلب الحاجة منه أو منها ولا منهم، ولا أنّ في شيء منها بما في ذلك ذات النبي تأثيراً في رفع الحاجات ودفع الملمات، أو أنّه يضر وينفع، كما ورد في مطاوي كلامهم في صدد النهي عنه (أنّه لا يضر ولا ينفع) فهذا عدول عن جوهر المسألة، بل كلّ ذلك يعد إظهار الحب للنبي وغيره من المقربين استجلاباً لرحمة الله تبارك وتعالى، لما نعلم من منزلتهم عند الله، استناداً إلى سيرته وسيرة المسلمين، فلا يقاس هذا بعمل المشركين في شأن آلهتهم، حيث كانوا يعتقدون فيها التأثير في دفع الملمات ورفع الحاجات إما مباشرة أو بالاشتراك مع الرب.
كما لا ينبغي الاستشهاد على حرمة التبرك والتوسل (بالمعنى المذكور) وكونهما شركاً بما ورد من الآيات بإدانة المشركين، فإن ذلك ليس منه في شيء، والفرق بينهما واضح جلي، فهذا مظهر من مظاهر الشرك، وذاك مظهر من مظاهر التوحيد وحب الله وأوليائه.
________________________
1 ـ فقه السنة: الطبعة العاشرة: 355.