ـ(168)ـ
أما الآن فالحل هو: عشرة أنثر وبولوجيين لكل محارب) (1).
وكان الاستشراق من قبل قد مهد لقيام علماء الاجتماع والأنثر وبولوجيا الغربيين بمهماتهم في دراسة المجتمعات الشرقية، وإعداد المتطلبات اللازمة لمعرفة هذه المجتمعات، واكتشاف أنماط حياتها، وتقاليدها، ومناهج تفكيرها.
لقد اعتمدت البحوث الاجتماعية على المعطيات الوفيرة، التي تراكمت عبر سنوات طويلة من إنتاج المتشرقين وخبراتهم في اللغات والعادات، والفولكلور، والتراث، والدين في الشرق، وكان محورها تركيب صورة خاصة للشرق صارت هي الصورة الام التي تأسست عليها كلّ الرؤى حول الشرق في الوعي الغربي فيما بعد.
ويعتبر كلّ من : "ساسي، ورينان، ولين" الأبطال المدشنين الّذين منحوا الاستشراق أسساً علمية وعقلانية، وقد نتج عن ذلك: لا كتابتهم النموذجية وحسب، بل خلق مفردات وأفكار يمكن أنّ تستعمل بصورة لا شخصانية من قبل أي إنسان يرغب في أنّ يصبح مستشرقاً. إنّ أسلوب الاستشراق منذ البدء كان يقوم على إعادة التركيب وعلى التكرار(2).
وتبدو الإشكالية الأساسية في منهج الاستشراق: في اختزاله للشرق، واعتباره مجموعة عادات وأفكار وظواهر قد تبدو مثيرة للاشمئزاز والقرف، فيما يتم طمس وتغييب الأبعاد الأساسية للتراث الحضاري للشرق الذي تجلى في إبداعات وابتكارات وإنجازات معرفية وأدبية وفنية وعلمية هامة أغنت التاريخ البشري في طول مسيرته، والتي لم يكن أقلها نفحات الهدى، وأصوات التوحيد التي تتابعت صادحة من أرض النبوات في الشرق.
ويمكننا معاينة ذلك في ملامح صورة الشرق التي صاغتها ريشة الاستشراق
_______________________________
1ـ أمزيان، د. محمّد محمّد. منهج البحث الاجتماعي بين الوضعية والمعيارية. فيرجينيا: المعهد العالمي للفكر الإسلامي، 1991 م، ص 143 ـ 144، عن: Methodes des sciences sociales
P: 319
2 ـ سعيد، إدوارد. مصدر سابق، ص 144 ـ 145.