ـ(165)ـ
وكان يُطلب إلى الشخص: إمّا الإيمان بالمسيحية وترك الإسلام، أو الموت حرقاً، ومن هنا جاءت التسمية بجلسات الإيمان (1).
كذلك أمر "الكردينال خمنيس" بجمع الكتب العربية الموجودة في غرناطة وأرباضها، والتي بلغت أكثر من مائة ألف مجلدٍ، فوضعت أكداساً في ميدان باب الرملة ـ أعظم ساحات المدينة ـ وأضرمت النيران فيها جميعاً، وحوت هذه الأكداس على وثائق تاريخية، ومصاحف مزخرفة، وكتب الأحاديث، والآداب، والعلوم، وغيرها. كما اشترك "فرناندو وايسابيلا" بعد تنصير مسلمي الأندلس بإصدار الأمر بأن تؤخذ من هؤلاء المتنصرين كتب الدين والشريعة؛ لكي تحرق في سائر مملكة غرناطة (2).
وإذا ما تحولنا إلى موقعٍ آخر من جبهات المواجهة بين الإسلام والغرب ـ وفي العصر ذاته ـ نرى أساليب ووسائل الإبادة للمسلمين وتراثهم ينقلها الغرب معه أينما ارتحل، وفي أي مكان حل. وتظل الحروب الصليبية وما تركته من صور مأساوية فضيعةٍ أوضح تعبيرٍ عن ما يملأ قلب الإنسان الأوروبي من حقدٍ وكراهية للآخر.
لقد عرض "ميشو" نموذجاً لما تبلور عنه الحقد الأوروبي في هذه الحروب بقوله: (تعصب الصليبيون في القدس أنواع التعصب الأعمى الذي لم يسبق لـه نظير، حتّى شكا منه المنصفون من مؤرخيهم، فكانوا يكرهون المسلمين على إلقاء أنفسهم من أعالي البروج والبيوت ويجعلونهم طعاماً للنار، ويخرجونهم من الأقبية وأعماق الأرض ويجرونهم في الساحات ويقتلونهم فوق جثث الآدميين، ودام الذبح في المسلمين اسبوعاً، حتّى قتلوا منهم ـ على ما اتفق على روايته مؤرخو الشرق والغرب ـ سبعين ألف نسمة (3).
______________________________________
1 ـ الخطيب، د. نشأت. "الأصول الدينية للحروب الصليبية في المشرق والمغرب". رسالة الجهاد. س 7: ع 75 (3 / 1989م)، ص 51.
2 ـ نفس المصدر، ص 51.
3 ـ محمّد كرد عليّ في الإسلام والحضارة العربية. ط2: القاهرة: لجنة التأليف والترجمة والنشر، 1959م، ج 2، ص 296.