ـ(164)ـ
"الآزتيك" في وادي المكسيك، و"الأنكا" في أمريكا الجنوبية.
وقد تزامنت معها عمليات تفتيت لمجتمعات إنسانية أخرى في غرب أفريقيا عندما أقدمت أسبانيا وفرنسا وانجلترا وهولندا على تعويض النقص الحاصل في الأيدي العاملة، الذي نشأ عن المجازر البشرية التي تم فيها إعدام (90[) من مواطني أمريكا من الهنود الحمر وتعويضهم بواسطة الأفارقة، حيث جرى استرقاق مائة مليون أفريقي من القارة السوداء، ومن ثم نقلهم إلى البلاد التي ذبح أهلها(1).
ولم تكن تلك الممارسة هي الأخيرة التي يقوم فيها الإنسان الغربي باسترقاق مباشر لمجتمعات بأسرها، وإنّما تكررت هذه الممارسة بشكل آخر حين أقدمت أوروبا ـ منضمة لها الولايات المتحدة الأمريكية هذه المرة ـ على استلحقاق أعداد غفيرة من العمال ببلادها، عندما قامت بترحيل أعداد كبيرة من الصينيين واستغلالهم لبناء "بنما" في نهاية القرن التاسع عشر، وهكذا فعلت فرنسا الشيء نفسه في بداية القرن العشرين مع المسلمين، حيث جلبت العمال من البلاد الإسلاميّة في شمال أفريقيا للعمل في مناجمها (2).
وإذا ما رجعنا خطوة إلى الوراء وحاولنا التعرف على موقف الإنسان الاوروبي من تراث وحضارة المسلمين قبل عدة قرون ـ وبالتحديد ابان سقوط الأندلس وتراجع المسلمين فيها أمام مؤامرات وغارات التنصير ـ فسنجد الموقف الغربي تجاه الإسلام وأهله يناظر موقفه من بقية الحضارات، إذ يتكرر استنساخ رؤيته في نفي الآخر في كلّ حالة مواجهة بينه وبين أية حضارة أخرى، فمثلاً: في مرة واحدة يجري إحراق (700) شخص في أشبيلية،و(113) شخصاً في أبله. أما في مدينة طليطلة فقد مثل أمام المحكمة (1200) شخص حكم عليهم بالإعدام في جلسة إيمان واحدةٍ،
____________________________________
1 ـ غارودي، روجيه. حوار الحضارات. ترجمة: عادل العوا. بيروت: منشورات عويدات، 1978م، ص 56.
2 ـ هربرت، د. عبد الحليم. "الغرب عشرة قرون من الحرب ضد الحضارات الأخرى". الطليعة الإسلاميّة. س 2: ع 15 (رجب 1404 هـ)، ص 20.