ـ(15)ـ
جميع العلوم والفنون، شرعية كانت أم غير شرعية، حتّى سقوطها على أيدي التتار: جيش هولاكو سنة (656 هـ). وقد ذهب رسمها ولم يبق منها إلاّ اسمها، ولم ترعين الدهر حتّى ذلك الحين ـ لا سيما في القرن الثالث والرابع (العصر الذهبي للإسلام) ـ داراً للعلم باتساع وشمولية بغداد كماً ونوعاً. كما أنها لم تتكرر في العصور اللاحقة.
إنّ مطالعة كتاب "الفهرست" القيم لابن النديم المؤلف سنة (377 هـ) ترسم لنا جانباً غير متناهٍ ولا محدود من بحر العلوم الإسلاميّة. كما أنّ كتاب "تاريخ بغداد" للخطيب البغدادي (م 463 هـ) مؤشر جيد على تردد العلماء واستقرارهم في بغداد. ويمكن التعرف على المستوى العالي لتعلم وتعليم العلوم الإسلامية والأدبية وغيرها من خلال تصفح ذلك الكتاب. وكذلك كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني ـ المتوفى عام (507 هـ) ـ وأمثالهما من الكتب. وإذا رام أحد فهرسة عناوين وآثار جميع العلماء الّذين كانوا على اتصال مع بغداد بشكل من الأشكال ـ تفصيلياً ـ فإنه سوف ينجز عملاً موسوعياً هاماً.
علماء الشيعة والسنة في بغداد:
اشتهرت بغداد باحتضانها لعلماء كبار من أهل السنة مثل: الإمام أبي حنيفة، والإمام الشافعي ـ المتوفى عام (204 هـ) ـ قبل هجرته إلى مصر، والإمام أحمد بن حنبل المتوفى عام (241 هـ)، والطبري المتوفى عام (310 هـ)، وداود الظاهري المتوفى عام (270 هـ)، وأبي بكر بن مجاهد المتوفى عام (346 هـ)، وعلي بن الحسين بن علي المسعودي المؤرخ المتوفى عام (346 هـ)، وابن النديم صاحب الفهرست، والغزالي المتوفى عام (505 هـ). وكذلك لعرفاء بارزين من أمثال: ابن الجنيد المتوفى عام (381 هـ)، والشبلي في أول نشأته والمتوفى عام (334 هـ)، وعبد القادر الجيلاني المتوفى عام (561 هـ)، وعدد من العلماء الملقبين بالسهر وردي(1)، ولا زالت قبور معظم هؤلاء
______________________________
1ـ وهم الشيخ مجيب الدين السهر وردي، والشيخ شجاع بن فارس بن سحين بن غريب بن بشير الذهلي السهروردي البغدادي، أبو غالب، محدث حافظ مؤرخ، من تصانيفه: ذيل على تاريخ بغداد للخطيب البغدادي، وقد توفي عام (507 هـ). والشيخ عبد القاهر بن عبدالله بن محمّد بن عمويه بن سعد السهر وردي القرشي الصديقي البكري، أبو النجيب، محدث فقيه مؤرخ صوفي، كان يدرس ويملي الحديث بالمدرسة النظامية ببغداد، من آثاره: آداب المريدين، ومختصر مشكاة المصابيح للبغوي، ومصنف في طبقات الشافعية، توفي عام (63 هـ).