ـ(135)ـ
ما أوجب عليه خالف الطريق المرسوم لـه شرعاً(1).
وقد حكى ابن بدران: إجماع الأئمة الأربعة على نقض من حكم تقليداً لغيره، مخالفاً بذلك اجتهاده(2).
وقد حرر الآمدي أيضاً في أحكامه هذا الاختلاف وعرضه بقوله: وإن لم يكن قد اجتهد فيها فقد اختلفوا فيه:
1 ـ قال أبو علي الجبائي: الذي لا يسوغ الرجوع لغير الصحابي الأولى لـه أنّ يجتهد، وإن لم يجتهد وترك الأولى جاز لـه تقليد الواحد من الصحابة إذا كان مترجحاً في نظره على غيره ممن خالفه، وإن استووا في نظرهم يخير في تقليد من شاء منهم، ولا يجوز لـه تقليد من عداهم. وبه قال الشافعي في رسالته القديمة.
وهناك قول لبعضهم بجواز تقليد الواحد من الصحابة والتابعين دون من عداهم.
واعتمدوا كذلك على ما روي عن عمر بن الخطاب: أنّه لقى رجلاً فقال: ما صنعت ؟ فقال: قضى علي وزيد بكذا، قال: لو كنت أنا لقضيت بكذا، قال: فما منعك والأمر إليك ؟ قال: لو كنت أردك إلى كتاب الله أو إلى سنة نبيه صلى الله عليه وآله لفعلت، ولكني أردك إلى رأي، والرأي مشترك، فلم ينقض ما قاله علي وزيد مع مخالفته لها في حكمهما(3).
ولكنهم استثنوا مسألة ما إذا كان مجتهداً لنفسه ورأى حكماً معيناً ثم تغير اجتهاده، ففي هذه الحالة يلزمه أنّ ينقض اجتهاده وما ترتب عليه. مثاله: ما لو تزوج مجتهد امرأة بلا ولي عند ظنه صحته ثم تغير اجتهاده فرآه غير جائز فقد اختلف فيه، والمختار: تحريمه مطلقاً؛ لأنه مستديم لما يعتقده حراماً.
______________________
1 ـ المدخل إلى مذهب أحمد: 190.
2 ـ المصدر السابق.
3 ـ اعلام الموقعين 1: 65.