ـ(134)ـ
ثالثاً: التفصيل بين الأحكام التكليفية والوضعية:
وهو الذي ذهب إليه المحقق النائيني رحمه الله: فقد فرق فيما يبقى لـه أثر بعد انكشاف الخطأ بالاجتهاد الثاني بين الأحكام وغيرها ـ كالأحكام الوضعية ـ فالتزم بالإجزاء، وعدم النقض بالنسبة إلى العبادات، والنقض بالنسبة إلى غيرها (1).
وجعل الفارق بينهما: قيام الإجماع على الأول دون الثاني. وناقش هذا القول المرحوم المحقق الكاظمي بقوله:
1 ـ نكران هذا الإجماع، إذ لم يعثر على مدع لـه سوى الشيخ نفسه.
2 ـ ومع فرض تحققه فربما يشكل التمسك به من جهة احتمال كون الإجماع في المقام تقيدياً؛ لذهاب جملة إلى أنّ القاعدة تقتضي الإجزاء ومع هذا لا عبرة بهذا الإجماع.
3 ـ ولو تنزلنا وقلنا بكفاية الإجماع فينتقل الكلام على مقدار دلالة هذا الإجماع، ولعل المتيقن من هذا هو: سقوط الإعادة والقضاء (2).
ولذا فمن الواضح أنّ تفصيل النائيني لا يمكن الالتزام به، ورفع اليد عن القاعدة مع تمامية الإجماع(3).
الاجتهاد مع عدم إعمال الملكة:
اختلف الفقهاء في جواز رجوع المجتهد إلى غيره لا لتماس فتواه، أو يكون ملزماً في اجتهاده والعمل برأيه في كلّ ما يحتاج إليه أم لا ؟.
فقد حكى الآمدي الاتفاق على ذلك؛ لأن المجتهد يجب عليه العمل بما ظنه حكم الشرع باجتهاده، ولا يجوز لـه التقليد مع الاجتهاد إجماعا (4). فلو فعل خلاف
____________________________
1 ـ الأصول العامة للفقه المقارن: 629، مسلم الوصول: 343.
2 ـ فوائد الأصول 1: 146. ومفاتيح الأصول للسيد المجاهد محمّد الطباطبائي: 597.
3 ـ الاجتهاد لمحمد بحر العلوم: 221.
4 ـ مختصر ابن الحاجب 2: 300، مسلم الثبوت 2: 395، الإحكام 4: 202، التحرير وشرحه 4: 234.