ـ(133)ـ
فلا ينقض ما حكم به بالظن؛ لتساويهما في الرتبة(1).
وزاد الغزالي حيث قال: (وكذلك إذا تنبهنا لأمر معقول في تحقيق مناط الحكم أو تنقيحه بحيث يعلم أنّه لو تنبه لـه لعلم قطعاً بطلان حكمه فينقض الحكم)(2)
واستدل الغزالي أيضاً على عدم جواز النقض في الحكم بقوله: (ولو حكم بصحة النكاح حاكم بعد أنّ خالع الزوج ثلاثاً ثم تغير اجتهاده لم يفرق بين الزوجين، ولم ينقض اجتهاده السابق بصحة النكاح لمصلحة الحكم، فإنه لو نقض الاجتهاد بالاجتهاد لنقض النقض أيضاً ولتسلسل) (3).
ويرد على ذلك:
1 ـ إنّ امتناع التسلسل إنّما يتم إذا تمت الملازمة بينهما وكانت وقاعة في سلسلة العلل والمعلولات، لكنها هنا غير تامة؛ لبداهة أنّ فعلية نقض الأول لا تستلزم فعلية نقض النقض؛ لجواز أنّ يثبت عليه المجتهد، أي: النقض إلى الأخير.
ورد هذا الإشكال؛ لا لتزامه بجواز النقض في مقام الإفتاء. يقول الغزالي: (أما إذا نكح المقلد بفتوى مضت وأمسك زوجته بعد دور الطلاق وقد نجز الطلاق بعد الدور ثم تغير اجتهاد المفتي فهل على المقلد تسريح زوجته ؟ هذا ربما يتردد فيه، والصحيح: أنّه يجب تسريحها كما لو تغير اجتهاد مقلد عن القبلة أثناء الصلاة) (4).
مع أنّ لزوم التسلسل فيه واضح؛ لجواز أنّ يقال: لو نقض الاجتهاد بالاجتهاد لنقض النقض أيضاً ولتسلسل(5).
_____________________________________
1 ـ إرشاد الفحول: 232، الإحكام في أصول الأحكام للآمدي 4: 203، الاشباه والنظائر: 109، المستصفى للغزالي 2: 383، مسلم الثبوت 2: 295.
2 ـ المستصفى 2: 382، فواتح الرحموت بذيل المستصفى 2: 395، مختصر ابن الحاجب 2: 300، الإحكام للآمدي 4: 203.
3 ـ المستصفى 2: 120.
4 ـ المستصفى 2: 354.
5 ـ الأصول العامة للفقه المقارن: 634.