ـ(131)ـ
مضافاً إلى ذلك أنّ قول الصحابي لا يتم؛ لعدم تمامية الدليل عليه (1).
3 ـ دعوى: عدم إمكان ترجيح الاجتهاد الثاني على الاجتهاد الأول بعد ما كان كلّ منهما مستنداً إلى الطرق الشرعية الظنية؛ لكونه بلا مرجح، والترجيح بلا مرجح مستحيل، وبالتالي لا موجب لرفع اليد عن الاجتهاد الأول.
ويرد على هذه الدعوى: أنها إنما تتم إذا كان كلا الاجتهادين حجة، وما توصل إليه المجتهد باجتهاده اللاحق هو يناقض ما انتهي إليه بالاجتهاد الأول، فلا بد أنّ يكون قد ظهر لـه بطلان الاجتهاد الأول؛ لوجود خللٍ فيه دعاه إلى العدول عنه، وهذا الانكشاف يثبت عدم حجية الأول عنده.
4 ـ نسب إلى صاحب الفصول من دعوى: أنّ القضية الواحدة لا تتحمل اجتهادين(2).
ويرد على هذه الدعوى: بأنها غامضة، فإن كان مراده في زمان واحد وكليهما حجة فهذا صحيح، إلاّ أنّ هذا خارج عن الفرض؛ لأننا فرضنا تأخر الثاني عن الأول زماناً، ومع تعدد الأزمان لا تأبى القضية الواحدة عن أكثر من اجتهاد.
وإن أريد بأن القضية الواحدة لا تتحمل اجتهادين من مجتهد واحد مطلقاً فهذا غير صحيح؛ لإمكان أنّ يجتهد المجتهد في القضية الواحدة عدة مرات كما تشهد بذلك البداهة، وما أكثر ما تتبدل آراء المجتهدين في المسألة الواحدة.
أما قولهم: إنّ ذلك يؤدي إلى التناقض ـ كما حدث للشافعي، حيث إنه نقل عنه في سبع عشرة مسألة بقولين مختلفين ـ فالأمر سهل: إنّ كان تاريخ القولين معلوماً
________________________________
1 ـ الأصول العامة للفقه المقارن: 635.
2 ـ فوائد الأصول للكاظمي 1: 145، أجود التقريرات للسيد الخوئي (ره) 1: 205، وإشارات الأصول للكلباسي (مخطوط).