ـ(130)ـ
1 ـ لزوم العسر والحرج عند القول بالنقض بمقتضى لسان الآية: [وما جعل عليكم في الدين من حرج] (1) للزوم إعادة جميع الأعمال التي جيء بها بناءً على الاجتهاد الأول، والآية ترفع لزوم النقض؛ لكونه حكماً حرجياً، وهو غير مجعولٍ على المكلفين.
ويرد على هذا الاستدلال: بأنه يتم هذا الدليل لو أريد به الحرج النوعي، والآية في مفاد رفع الحرج الشخصي لا النوعي(2).
2 ـ لقد روي عن عمر بن الخطاب: أنّه عرضت عليه في خلافته قضية ميراث: توفيت زوجة عن زوجها وأمها وأخويها لأمها وأخويها الشقيقين، فقضى للزوج بالنصف فرضاً، وللام بالسدس فرضاً، وللأخوين لام بالثلث فرضاً، وللأخوين الشقيقين تعصيباً، فلم يحصل الشقيقان على شيءٍ من التركة؛ لأنه لم يبق لهما شيء.
ثم عرضت عليه بعد سنين قضية مماثلة فأراد أنّ يحكم فيها بمثل ما حكم في سابقها، ولمح أحد الشقيقين فقال لـه : هب أبانا حجراً، أليست أمنا واحدة؟.
وإذا بعمر تتغير نظرته إلى المسألة، فقضى الثلث للأخوين لأم، وللأخوين الشقيقين فرضاً على أنّ يتقاسموه فيما بينهم بالسوية، باعتبارهم جميعاً إخوة لأم.
وعندما سئل: إنك قضيت في هذه المسألة بخلاف ما قضيت به سابقاً ؟ أجاب: ذلك على ما قضيناه، وهذا على ما نقضي(3).
فهذا الاستدلال لا يتم؛ وذلك لمعارضته بما أثر عن عمر نفسه في كتابه إلى أبي موسى الأشعري قاضيه على الكوفة: ولا يمنعك قضاء قضيته اليوم فراجعت فيه نفسك، وهديت فيه إلى رشدك أنّ ترجع إلى الحق، فإن مراجعة الحق خير من التمادي على الباطل(4).
______________________________________
1 ـ الحج: 78.
2 ـ الأصول العامة للفقه المقارن: 630 بتصرف.
3 ـ الأشباه والنظائر للسيوطي: 104، اعلام الموقعين 1: 111، سلم الوصول: 343.
4 ـ المصادر السابقة.