ـ(128)ـ
ورد هذا الاستدلال: بأنه قد ورد الحكم والعلم نكرة في سياق الإثبات فيخصص، وليس فيه ما يدل على أنّه أوتي حكماً وعلماً فيما حكم به. وقد ورد المخصص بقوله [ففهمناها].
2 ـ قولـه صلى الله عليه وآله : "أصحابي كالنجوم، فبأيهم اقتديتم اهتديتم"(1).
فإنه صلى الله عليه وآله جعل الاقتداء بكل واحد من الصحابة هدى مع اختلافهم في الأحكام نفياً وإثباتاً، فلو كان فيهم مخطئ لما كان الاقتداء به هدى"(2).
ورد هذا بـ: أنّ الخبر وإن كان عاماً غير أنّ ما فيه من الاقتداء غير تام، ولا يلزم منه العموم في الأشخاص، وإنما العموم في الأحوال.
3 ـ أما الأجماع: فقد اتفق الصحابة على تسويغ مخالفة بعضهم لبعض في الاجتهاد من غير نكير.
ورد هذا: بأن الصحابة لم ينكروا على المخالف منهم في الاجتهاد؛ لأن المخطئ غير معين، ومع هذا فهو مأمور بأتباع ما أوجبه ظنه وهو مثاب عليه، والذي يجب إنكاره من الخطأ ما كان خطؤه متعيناً، وهو منهي عنه، وما نحن فيه ليس كذلك (3).
نقض الاجتهاد وعدمه
والمراد به: جواز رجوع ـ تحول ـ المجتهد عن اجتهاده الأول إلى اجتهاد آخر مضاد لـه اقتضاه الدليل اللاحق، فيكون اجتهاده الأول ـ حينئذٍ ـ مصادماً للدليل.
ثم وقع الخلاف بين الفقهاء في أنّه : هل يجوز لمجتهدٍ في مسألةٍ أنّ يكون لـه قولان ؟ ثم هل يجوز تغير الاجتهاد ؟ ولدى التحقيق في هذه المسألة ننتهي إلى وجود ثلاثة أقوال:
____________________________
1 ـ رواه البيهقي 1: 132.
2 ـ الإحكام للآمدي 4: 193.
3 ـ المصدر السابق 4: 195.