ـ(127)ـ
أدلة السنة:
أما في السنة: فقد استدلوا بما رواه بشر بن سعيد، قال: قال صلى الله عليه وآله : "إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر"(1).
وجه الاستدلال في الحديث: بأنه صريح في الاجتهاد إلى خطأ وصواب، ولو كان كلّ مجتهد مصيباً ما أخطأ مجتهد، ولم يصرح الحديث بذلك.
ورد هذا الاستدلال: بأن الخطأ يتصور فيما إذا كان في المسألة نص وخفي على المجتهد، وهذا غير متحقق في محل النزاع؛ لأن النزاع: إذا أخطأ المجتهد في مطلوبه بسبب ظنه(2).
وجوابه: الخبر عام في كلّ مجتهد، سواء كان في المسألة دليل أم لم يكن، وتخصيصه بوجود نص تخصيص من دون مخصص، وهذا لا يجوز.
أدلة الإجماع:
أما الإجماع: فقد استدلوا بإجماع الصحابة، فإنهم أطلقوا على الاجتهاد الذي لم يصب الحق "خطأ" حتّى أنّه شاع وتكرر، ولم ينكر بعضهم على بعض الخطأ فيه، فكان ذلك إجماعاً منهم على أنّ الحق من أقاويلهم ليس إلاّ واحداً.
وقد استدل المصوبة على صحة مذهبهم بالأدلة التالية:
1 ـ قال تعالى: [وكلا آتينا حكماً وعلماً](3).
وجه الاستدلال: لو كان أحدهما مخطئاً لما ثبت بالنص كون ما وصلا إليه من قضاء حكماً لله وعلماً لـه (4).
___________________________________________________
1 ـ رواه الحاكم في المستدرك 4: 88، وأخرجه الشافعي في الام 1: 203، والرسالة: 494، وأبو داود في سننه 3: 2307، ومسلم في صحيحه 3: 122، والبخاري 4: 268.
2ـ كشف الأسرار على أصول البزدوي 4: 142، الإحكام للآمدي 4: 185.
3 ـ الأنبياء: 79.
4 ـ الإحكام للآمدي 4: 192، التفسير الكبير 22: 199.