ـ(124)ـ
تلك الأمارة والالتزام به في مقام العمل على أنّه هو الواقع وترتيب الآثار الشرعية المترتبة عليه واقعاً يشتمل على مصلحة فأوجبه الشارع) (1).
ومعنى إيجاب الشارع العمل على الأمارة: وجوب تطبيق العمل عليها، لا وجوب إيجاد العمل على طبقها، إذ قد لا تتضمن الأمارة إلزاماً على المكلف، فإذا تضمنت استحباب شيءٍ أو وجوبه تخييراً أو إباحته وجب عليه إذا أراد الفعل أنّ يوقعه على وجه الاستحباب أو الإباحة، بمعنى: حرمة قصد غيرهما كما لو قطع بهما، وتلك المصلحة لابد من تداركها بهما؛ لئلا تفوقت مصلحة الواقع لو كان الأمر بالعمل به مع التمكن من العلم، و إلاّ كان تفويتاً لمصلحة الواقع، وهو قبيح.
وعلق الشيخ المظفر على هذا الرأي بقوله: (وإنما ذهب إلى هذا الفرض لأنه لم يتم عنده تصحيح الأمارة على نحو الطريقية المحضة، ووجد أيضاً أنّ القول بالسببية المحضة يستلزم القول بالتصويب المجمع على بطلانه عند الإمامية، فسلك طريقاً وسطاً لا يذهب به إلى الطريقية المحضة، ولا إلى السببية المحضة) (2).
ويرى الإمام السيد الخوئي رحمه الله: (أنّ السببية بهذا المعنى وإن كانت معقولة في نفسها ولا يخالفها شيء من الإجماع والروايات ويندفع بها الإشكال إلاّ أنّه لا دليل عليها) (3).
كذلك أورد عليه العلامة الحكيم بقوله: (عدم نهوض الأدلة بها؛ لأن هذه الأدلة ليس فيها ما يشير إلى أكثر من جعل الطريقية أو الحجية لما قامت عليه) (4).
وبعد عرض هذه الأقوال الثلاثة وما يحيط بها ننتهي إلى القول بالتخطئة؛ لأنه هو الذي يمكن الركون إليه، ويكاد أنّ يكون هو الرأي السائد لدى المسلمين اليوم،
________________________________________________
1 ـ الرسائل: حجية الظن، ونهاية الأفكار للشيخ العراقي: ج 3 بحث الاجتهاد.
2 ـ أصول المظفر 2: 36، وانظر القوانين المحكمة للمحقق القمي.
3 ـ الدراسات: 68، وبدائع الأفكار للميرزا حبيب الله الرشتي: 425.
4 ـ الأصول العامة للفقه المقارن: 626.