ـ(125)ـ
حيث يقول الأستاذ الخضري: (والراجح من هذه الآراء: أنّ لله حكماً معيناً في كلّ واقعة نصب عليه الدليل، فمن ظفر به فهو المصيب، ومن أخطأ بعد بذل الجهد فهو مخطئ، إلاّ أنّه يثاب من أجل اجتهاده، مرفوع عنه وزر خطئه، فالمصيب في الشريعة واحد)(1).
وقد علق الشوكاني على الحديث الشريف. "إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أرجان، وإن أخطأ فله أجر"(2) بقوله: (وهكذا من قال: إنّ الحق واحد ومخالفه آثم، فإن هذا الحديث يرد عليه رداً بيناً، ويدفعه دفعاً ظاهراً؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله سمى من لم يوافق الحق في اجتهاده"مخطئاً" ورتب على ذلك استحقاقه للأجر. فالحق الذي لا شك فيه ولا شبهة أنّه واحد، ومخالفه مخطئ مأجور إذا كان قد وفى الاجتهاد حقه ولم يقصر في البحث بعد إحرازه لما يكون به مجتهداً) (3).
أدلة المخطئة:
أدلة القرآن:
استدل جمهور الفقهاء على أنّ المجتهد يصيب وبخطئ بأدلة من القرآن والسنة والإجماع والمعقول:
1 ـ قال تعالى: [وداود وسليمان إذا يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين _ ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكماً وعلماً وسخرناً مع داود الجبال يسبحن والطير وكنا فاعلين](4).
وجه الدلالة بقوله تعالى: [ففهمناها سليمان] تدل على تخصيص سليمان عليه السلام بفهم الحق في الواقعة، ولو كان الكل مصيباً لم يكن لتخصيص سليمان
________________________________
1 ـ أصول الفقه: 414.
2 ـ جامع الأصول 10: 548، مجمع الزوائد 4: 195، مجمع الفوائد 1: 683 باختلاف يسير.
3 ـ إرشاد الفحول: 261.
4 ـ الأنبياء: 78 ـ 79.